وفيه أن مجرد هذا الاخبار لا يصلح للاستدلال به على المدعي أعني الوجوب، ويدل على عدم الوجوب أن الترخيص عام لكل أحد ترك ابن الزبير للجمعة وهو الامام إذ ذاك.
وقول ابن عباس: أصاب السنة رجاله رجال الصحيح وعدم الانكار عليه من أحد من الصحابة. وأيضا لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة، وحكى في البحر عن الشافعي في أحد قوليه، وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص لأن دليل وجوبها لم يفصل. وأحاديث الباب ترد عليهم. وحكي عن الشافعي أيضا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر، واستدل له بقول عثمان: من أراد من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أحب أن ينصرف فليفعل، ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: لم يزد عليهما حتى صلى العصر ظاهره أنه لم يصل الظهر، وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر، وإليه ذهب عطاء، حكي ذلك عنه في البحر، والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل، وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم. قال المصنف رحمه الله تعالى. بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن ابن الزبير: قلت إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد انتهى. ولا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف.
كتاب العيدين العيد مشتق من العود، فكل عيد يعود بالسرور وإنما جمع على أعياد بالياء للفرق بينه وبين أعواد الخشب، وقيل غير ذلك. وقيل أصله عود بكسر العين وسكون الواو فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها مثل ميعاد وميقات وميزان. قال الخليل: وكل يوم مجمع كأنهم عادوا إليه. وقال ابن الأنباري: يسمى عيدا للعود في الفرح والمرح. وقيل: سمي عيدا لأن كل إنسان يعود فيه إلى قدر منزلته، فهذا يضيف وهذا يضاف. وهذا يرحم وهذا يرحم. وقيل: سمي عيدا لشرفه من العيد وهو محل كريم مشهور في العرب تنسب إليه الإبل العيدية.