وفي الباب عن كعب بن مالك عند الطبراني في الكبير والرهاوي مرفوعا: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع. قوله: أجذم روي بالحاء المهملة وبالجيم المعجمة ثم بالذال المعجمة، والأول من الحذم وهو القطع، والثاني المراد به الداء المعروف. شبه الكلام الذي لا يبتدأ فيه بحمد الله تعالى بإنسان مجذوم تنفيرا عنه وإرشادا إلى استفتاح الكلام بالحمد. قوله:
ليس فيها شهادة أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وقد استدل المصنف بالحديث على مشروعية الحمد لله في الخطبة لأنها في الرواية الأولى داخلة تحت عموم الكلام، وسيأتي الخلاف في ذلك وبيان ما هو الحق.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله تعالى شيئا. وعن ابن شهاب رضي الله عنه أنه سئل عن تشهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة فذكر نحوه وقال: ومن يعصهما فقد غوى رواهما أبو داود.
الحديث الأول في إسناده عمران بن داور أبو العوام البصري، قال عفان: كان ثقة واستشهد به البخاري. وقال يحيى بن معين والنسائي: ضعيف الحديث. وقال مرة: ليس بشئ، وقال يزيد بن زريع: كان عمران حروريا، وكان يرى السيف على أهل القبلة، وقد صحح إسناد هذا الحديث النووي في شرح مسلم والحديث الثاني مرسل. قوله: فقد رشد بكسر الشين المعجمة وفتحها. قوله: ومن يعصهما فيه جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله، ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: أن يكون الله تعالى ورسوله أحب إليه مما سواهما. وما ثبت أيضا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية. وأما ما في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من حديث عدي بن حاتم: أن خطيبا خطب عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى فمحمول على ما قال النووي من أن سبب الانكار عليه