أبي داود. قوله: صلى مع الناس الركعة الأخيرة فيه فضيلة لعبد الرحمن بن عوف، إذ قدمه الصحابة لأنفسهم في صلاتهم بدلا من نبيهم، وفيه فضيلة أخرى له وهي اقتداؤه صلى الله عليه وآله وسلم به. وفيه جواز ائتمام الامام أو الوالي برجل من رعيته، وفيه أيضا تخصيص لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يؤمن أحد في سلطانه إلا بإذنه يعني أو إلا أن يخاف خروج أول الوقت. قوله: يتم صلاته فيه متمسك لمن قال: إن ما أدركه المؤتم مع الامام أول صلاته وقد تقدم الكلام على ذلك. قوله: قد أصبتم وأحسنتم فيه جواز الثناء على من بادر إلى أداء فرضه وسارع إلى عمل ما يجب عليه عمله. قوله:
يغبطهم فيه أن الغبط جائزة، وأنها مغايرة للحسد المذموم. قوله: لم يزد عليها شيئا أي لم يسجد سجدتي السهو، فيه دليل لمن قال: ليس على المسبوق ببعض الصلاة سجود، قال ابن رسلان: وبه قال أكثر أهل العلم، ويؤيد ذلك قوله (ص): وما فاتكم فأتموا. وفي رواية: فاقضوا ولم يأمر بسجود سهو. وذهب جماعة من أهل العلم منهم من ذكر المصنف راويا عن أبي داود، ومنهم عطاء وطاوس ومجاهد وإسحاق، إلى أن كل من أدرك وترا من صلاة إمامه فعليه أن يسجد للسهو، لأنه يجلس للتشهد مع الامام في غير موضع الجلوس، ويجاب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلس خلف عبد الرحمن ولم يسجد ولا أمر به المغيرة، وأيضا ليس السجود إلا للسهو، ولا سهو هنا، وأيضا متابعة الامام واجبة، فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات.
باب من صلى ثم أدرك جماعة فليصلها معهم نافلة فيه عن أبي ذر وعبادة ويزيد بن الأسود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد سبق. وعن محجن بن الأدرع قال: أتيت النبي (ص) وهو في المسجد فحضرت الصلاة فصلى يعني ولم أصل، فقال لي: ألا صليت؟ قلت: يا رسول الله إني قد صليت في الرحل ثم أتيتك، قال: فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة رواه أحمد. وعن سليمان مولى ميمونة قال: أتيت على ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد فقلت:
ما يمنعك أن تصلي مع الناس؟ قال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين رواه أحمد وأبو داود والنسائي.