الصلاة كلها خلفه، فهذا أحمد بن حنبل يرى أن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة، ويرى أن الركوع دون الصف جائز. قال: وقد اختلف السلف في الركوع دون الصف، فرخص فيه زيد بن ثابت، وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب، وروي عن سعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة وابن جريج ومعمر أنهم فعلوا ذلك. وقال الزهري: إن كان قريبا من الصف فعل، وإن كان بعيدا لم يفعل، وبه قال الأوزاعي انتهى. قال الحافظ في التلخيص:
اختلف في معنى قوله: ولا تعد فقيل: نهاه عن العود إلى الاحرام خارج الصف، وأنكر هذا ابن حبان وقال: أراد لا تعد في إبطاء المجئ إلى الصلاة. وقال ابن القطان الفاسي تبعا للمهلب بن أبي صفرة معناه لا تعد إلى دخولك في الصف وأنت راكع فإنها كمشية البهائم، ويؤيده رواية حماد بن سلمة في مصنفه عن الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة أنه: دخل المسجد ورسول الله (ص) يصلي وقد ركع فركع ثم دخل الصف وهو راكع فلما انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: أيكم دخل في الصف وهو راكع؟ فقال له أبو بكرة: أنا، فقال: زادك الله حرصا ولا تعد. وقال غيره: بل معناه لا تعد إلى إتيان الصلاة مسرعا، واحتج بما رواه ابن السكن في صحيحه بلفظ: أقيمت الصلاة فانطلقت أسعى حتى دخلت في الصف، فلما قضى الصلاة قال: من الساعي آنفا؟ قال أبو بكرة: فقلت أنا، فقال: زادك الله حرصا ولا تعد. قال في التلخيص أيضا: أنه روى الطبراني في الأوسط من حديث ابن الزبير ما يعارض هذا الحديث، فأخرج من حديث ابن وهب عن ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول: إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل، ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة. قال عطاء:
وقد رأيته يصنع ذلك وقال: تفرد به ابن وهب ولم يروه عنه غير حرملة، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الاسناد انتهى. وقد اختلف فيمن لم يجد فرجة ولا سعة في الصف ما الذي يفعل؟ فحكى عن نصه في البويطي أنه يقف منفردا ولا يجذب إلى نفسه أحدا، لأنه لو جذب إلى نفسه واحدا لفوت عليه فضيلة الصف الأول، ولأوقع الخلل في الصف، وبهذا قال أبو الطيب الطبري وحكاه عن مالك. وقال أكثر أصحاب الشافعي وبه قالت الهادوية: أنه يجذب إلى نفسه واحدا، ويستحب للمجذوب أن يساعده، ولا فرق بين الداخل في أثناء الصلاة والحاضر في ابتدائها في ذلك، وقد روي عن عطاء وإبراهيم النخعي أن الداخل إلى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز له أن يجذب إلى