بذلك في إحدى روايتي أبي داود لحديث زيد بن ثابت فقال فيها: صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة قال العراقي: وإسناده صحيح، فعلى هذا لو صلى نافلة في مسجد المدينة كانت بألف صلاة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث، وإذا صلاها في بيته كانت أفضل من ألف صلاة، وهكذا حكم المسجد الحرام وبيت المقدس. وقد استثني أصحاب الشافعي من عموم أحاديث الباب عدة من النوافل فقالوا:
فعلها في غير البيت أفضل، وهي ما تشرع فيها الجماعة كالعيدين، والكسوف، والاستسقاء، وتحية المسجد، وركعتي الطواف، وركعتي الاحرام. قوله: إلا المكتوبة قال العراقي: هو في حق الرجال دون النساء، فصلاتهن في البيوت أفضل، وإن أذن لهن في حضور بعض الجماعات، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح: إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن وبيوتهن خير لهن. والمراد بالمكتوبة هنا الواجبات بأصل الشرع وهي الصلوات الخمس دون المنذورة. قال النووي: إنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وأصون من محبطات الأعمال، وليتبرك البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان كما جاء في الحديث.
وعن عتبان بن مالك أنه قال: يا رسول الله إن السيول لتحول بيني وبين مسجد قومي، فأحب أن تأتيني فتصلي في مكان من بيتي أتخذه مسجدا، فقال: سنفعل، فلما دخل قال: أين تريد؟ فأشرت لا إلى ناحية من البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصففنا خلفه فصلى بنا ركعتين متفق عليه. وقد صح التنفل جماعة من رواية ابن عباس وأنس رضي الله عنهما.
حديث ابن عباس الذي أشار إليه المصنف له ألفاظ في البخاري وغيره أحدها: أنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه. وحديث أنس المشار إليه أيضا له ألفاظ كثيرة في البخاري وغيره وأحدها أنه قال: صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي (ص) وأمي أم سليم خلفنا. الأحاديث ساقها المصنف ههنا للاستدلال بها على صلاة النوافل جماعة وهي كما ذكر، وليس للمانع من ذلك متمسك يعارض به هذه الأدلة. (وفي حديث) عتبان فوائد: منها جواز التخلف عن الجماعة في المطر والظلمة ونحو ذلك. ومنها جواز اتخاذ موضع معين للصلاة، وأما النهي عن إيطان موضع معين