وإن كانت غير بالغة إلى درجة الاعتبار فقد شد عضدها عمل السلف والخلف على ذلك.
قال ابن المنذر: وهذا كالاجماع. وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم يستحبون استقبال الامام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. قال العراقي وغيرهم: عطاء بن أبي رباح وشريح، ومالك، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وابن جابر، ويزيد بن أبي مريم، وأصحاب الرأي. وروي عن ابن المسيب والحسن أنهما كان لا ينحرفان إليه وهل المراد باستقبال السامعين للخطيب أن يستقبله من يواجهه أو جميع أهل المسجد حتى أن من كان في الصف الأول والثاني وإن طالت الصفوف ينحرفون بأبدانهم أو بوجوههم لسماع الخطبة، قال العراقي: والظاهر أن المراد بذلك من يسمع الخطبة دون من بعد فلم يسمع، فاستقبال القبلة أولى به من توجهه لجهة الخطبة. وروي عن الامام شرف الدين أنه يجب على العدد الذين تنعقد بهم الجمعة المواجهة دون غيرهم، وأوجب الاستقبال المذكور أبو الطيب الطبري، صرح بذلك في تعليقه.
باب اشتمال الخطبة على حمد الله تعالى والثناء على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والموعظة والقراءة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم رواه أبو داود وأحمد بمعناه. وفي رواية: الخطبة التي ليس فيها شهادة كاليد الجذماء رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: تشهد بدل شهادة.
الحديث أخرجه أيضا باللفظ الأول النسائي وابن ماجة وأبو عوانة والدارقطني وابن حبان والبيهقي، واختلف في وصله وإرساله، فرجح النسائي والدارقطني الارسال، واللفظ الآخر من حديث الباب حسنه الترمذي، وأخرج ابن حبان والعسكري وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعا: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله تعالى فهو أقطع.