باب السجود على الدابة وبيان أنه لا يجب بحال عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم منهم الراكب والساجد في الأرض حتى إن الراكب ليسجد على يده رواه أبو داود.
الحديث في إسناده مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة. قوله: والساجد في الأرض أي ومنهم الساجد في الأرض. قوله: ليسجد على يده فيه جواز سجود الراكب على يده في سجود التلاوة، وهو يدل على جواز السجود في التلاوة لمن كان راكبا من دون نزول، لأن التطوعات على الراحلة جائزة كما تقدم وهذا منها.
وعن عمر: أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: أيها الناس إنا لم نؤمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه رواه البخاري. وفي لفظ: إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء.
الأثر أخرجه أيضا مالك في الموطأ والبيهقي وأبو نعيم في مستخرجه وابن أبي شيبة. وقد استدل به القائلون بعدم الوجوب، وأجابت الحنفية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب، بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب، قال في الفتح: وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث، وما كان الصحابة يفرقون بينهما، ويغني عن هذا. قوله: ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وتعقب أيضا بقوله: إلا أن نشاء، فإنه يدل على أن المرء مخير في السجود، فلا يكون واجبا، وأجاب من أوجبه بأن المعنى إلا أن نشاء قراءتها فتجب. قال الحافظ:
ولا يخفى بعده. ويرده أيضا قوله: فلا إثم عليه فإن انتفاء الاثم عمن ترك الفعل مختارا يدل على عدم وجوبه، واستدل بهذا الاستثناء على وجوب إتمام السجود على من شرع فيه، لأن الظاهر أنه استثناء من قوله: لم يفرض وأجيب بأنه استثناء منقطع ومعناه لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء بدليل قوله: ومن لم يسجد فلا إثم عليه.
(لا يقال) الاستدلال يقول عمر على عدم الوجوب لا يكون مثبتا للمطلوب لأنه قول صحابي،