المتخلفين عن الحضور بعد أمر الله تعالى به وأمر رسوله، والتوعد الشديد لمن لم يحضر لا يكون حجة إلا على فرض تقريره صلى الله عليه وآله وسلم للمتخلفين على تخلفهم، واختصاص الأوامر بمن حضر جمعته صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين وكلاهما باطل.
أما الأول فلا يصح نسبة التقرير إليه صلى الله عليه وآله وسلم بعد همه بإحراق المتخلفين عن الجمعة، وإخباره بالطبع على قلوبهم، وجعلها كقلوب المنافقين. وأما الثاني فمع كونه قصرا للخطابات العامة بدون برهان ترده أيضا تلك التوعدات للقطع بأنه لا معنى لتوعد الحاضرين، ولتصريحه صلى الله عليه وآله وسلم بأن ذلك الوعيد للمتخلفين، وضيق مسجده صلى الله عليه وآله وسلم لا يدل على عدم الفرضية إلا على فرض أن الطلب مقصور على مقدار ما يتسع له من الناس، أو عدم إمكان إقامتها في البقاع التي خارجه، وفي سائر البقاع وكلاهما باطل. أما الأول فظاهر، وأما الثاني فكذلك أيضا لامكان إقامتها في تلك البقاع عقلا وشرعا. (لا يقال) عدم أمره صلى الله عليه وآله وسلم بإقامتها في غير مسجده يدل على عدم الوجوب. لأنا نقول: الطلب العام يقتضي وجوب صلاة الجمعة على كل فرد من أفراد المسلمين، ومن لا يمكنه إقامتها في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكنه الوفاء بما طلبه الشارع إلا بإقامتها في غيره، وما لا يتم الواجب إلا به واجب كوجوبه كما تقرر في الأصول.
باب من تجب عليه ومن لا تجب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال الجمعة على من سمع النداء رواه أبو داود والدار قطني. وقال فيه إنما الجمعة على من سمع النداء.
الحديث، قال أبو داود في السنن: رواه جماعة عن سفيان مقصورا على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة انتهى. وفي إسناده محمد بن سعيد الطائفي قال المنذري: وفيه مقال، وقال في التقريب: صدوق. وقال أبو بكر بن أبي داود: هو ثقة، قال:
وهذه سنة تفرد بها أهل الطائف انتهى. وقد تفرد به محمد بن سعيد عن شيخه أبي سلمة، وتفرد به أبو سلمة عن شيخه عبد الله بن هارون، وقد ورد من حديث عبد الله