هذا الرجل دخل في هيئة بذة وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه ويؤيده أيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسليك في آخر الحديث: لا تعودن لمثل هذا أخرجه ابن حبان، ورد هذا الجواب بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه صلى الله عليه وآله وسلم قصد التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية، فإن المانعين لا يجوزون الصلاة في هذا الوقت لعلة التصدق، ولو ساغ هذا لساغ مثله في سائر الأوقات المكروهة ولا قائل به، كذا قال ابن المنير، ومما يرد هذا التأويل ما في الباب من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة الخ، فإن هذا نص لا يتطرق إليه التأويل. قال النووي: لا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ صحيحا فيخالفه اه. قال الحافظ: والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى: * (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له) * (الأعراف: 204) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت متفق عليه، قالوا: فإذا امتنع الامر بالمعروف وهو أمر اللاغي بالانصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، وعارضوا أيضا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم للذي دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب: قد آذيت وقد تقدم، قالوا: فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية. وبما أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رفعه: إذا دخل أحدكم المسجد والامام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الامام ويجاب عن ذلك كله بإمكان الجمع وهو مقدم على المعارضة المؤدية إلى إسقاط أحد الدليلين، أما في الآية فليست الخطبة قرآنا، وما فيها من القرآن الامر بالانصات حال قراءته عام مخصص بأحاديث البا ب. وأما حديث: إذا قلت لصاحبك أنصت فهو وارد في المنع من المكالمة للغير ولا مكالمة في الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام في الصلاة لكان عموما مخصصا بأحاديث الباب، قال الحافظ: وأيضا فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت لحديث أبي هريرة المتقدم أنه قال: يا رسول الله سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول فيه فأطلق على القول سرا السكوت. وأما أمره صلى الله عليه وآله وسلم لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس فذلك واقعة عين ولا عموم لها، فيحتمل أن يكون أمره بالجلوس قبل مشروعيتها، أو أمره بالجلوس بشرطه وهو فعل التحية، وقد عرفه قبل ذلك أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز، أو لكون دخوله وقع في آخر الخطبة وقد ضاق الوقت عن التحية. وأما حديث ابن عمر فهو ضعيف، لأن في إسناده أيوب بن نهيك، قال