الحديث أخرجه أيضا النسائي وابن حبان والحاكم، قال النسائي: ما أعلم أحدا رواه غير أبي داود الحفري، ولا أحسبه إلا خطأ. قال الحافظ: قد رواه ابن خزيمة والبيهقي من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني بمتابعة أبي داود، فظهر أنه لا خطأ فيه. وروى البيهقي من طريق ابن عيينة عن ابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو هكذا، ووضع يديه على ركبتيه وهو متربع جالس ورواه البيهقي عن حميد: رأيت أنسا يصلي متربعا على فراشه. وعلقه البخاري.
(والحديث) يدل على أن المستحب لمن صلى قاعدا أن يتربع، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد، وهو أحد القولين للشافعي، وذهب الشافعي في أحد قوليه إنه يجلس مفترشا كالجلوس بين السجدتين، وحكى صاحب النهاية عن بعض المصنفين أنه يجلس متوركا.
وقال القاضي حسين من الشافعية: أنه يجلس على فخذه اليسرى وينصب ركبته اليمنى كجلسة القارئ بين يدي المقرئ، وهذا الخلاف إنما هو في الأفضل، وقد وقع الاتفاق على أنه يجوز له أن يقعد على أي صفة شاء من القعود، لما في حديثي عائشة المتقدمين من الاطلاق، وما في حديث عمران بن حصين المتقدم من العموم.
باب النهي عن التطوع بعد الإقامة عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة رواه الجماعة إلا البخاري. وفي رواية لأحمد: إلا التي أقيمت.
وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني في الافراد مثل حديث أبي هريرة، قال العراقي: وإسناده حسن. وعن جابر عند ابن عدي في الكامل مثله، وفي إسناده عبد الله بن ميمون القداح قال البخاري: ذاهب الحديث. (والحديث) يدل على أنه لا يجوز الشروع في النافلة عند إقامة الصلاة، من غير فرق بين ركعتي الفجر وغيرهما، وقد اختلف الصحابة والتابعون ومن بعدهم في ذلك على تسعة أقوال. أحدها: الكراهة وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر على خلاف عنه في ذلك، وأبو هريرة، ومن التابعين: عروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي،