أول الباب، ومن ثمة قالت الشافعية: ترك الجمع أفضل. وعن مالك رواية أنه مكروه، وهذه الأحاديث تخصص أحاديث الأوقات التي بينها جبريل وبينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي حيث قال في آخرها: الوقت ما بين هذين الوقتين.
باب جمع المقيم لمطر أو غيره عن ابن عباس رضي الله عنه: أن النبي (ص) صلى بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء. متفق عليه. وفي لفظه للجماعة إلا البخاري وابن ماجة: جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.
الحديث ورد بلفظ: من غير خوف ولا سفر. وبلفظ: من غير خوف ولا مطر قال الحافظ:
واعلم أنه لم يقع مجموعا بالثلاثة في شئ من كتب الحديث، بل المشهور من غير خوف ولا سفر. قوله:
سبعا وثمانيا أي سبعا جميعا، وثمانيا جميعا، كما صرح به البخاري في رواية له ذكرها في باب وقت المغرب. قوله: أراد أن لا يحرج أمته قال ابن سيد الناس: قد اختلف في تقييده، فروي يحرج بالياء المضمومة آخر الحروف، وأمته منصوب على أنه مفعوله.
وروي تحرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة وضم أمته على أنها فاعله. ومعناه إنما فعل تلك لئلا يشق عليهم ويثقل فقصد إلى التخفيف عنهم. وقد أخرج ذلك الطبراني في الأوسط والكبير، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد عن ابن مسعود بلفظ: جمع رسول الله صلى (ص) بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فقيل له في ذلك فقال: صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي. وقد ضعف بأن فيه ابن عبد القدوس وهو مندفع، لأنه لم يتكلم فيه إلا بسبب روايته عن الضعفاء وتشيعه، والأول غير قادح باعتبار ما نحن فيه، إذ لم يروه عن ضعيف بل رواه عن الأعمش كما قال الهيثمي، والثاني ليس بقدح معتد به ما لم يجاوز الحد المعتبر، ولم ينقل عنه ذلك، على أنه قد قال البخاري أنه صدوق. وقال أبو حاتم:
لا بأس به. (وقد استدل) بحديث الباب القائلون بجواز الجمع مطلقا بشرط أن لا يتخذ ذلك خلقا وعادة، قال في الفتح: وممن قال به ابن سيرين وربيعة وابن المنذر والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أصحاب الحديث، وقد رواه في البحر عن