باب إمامة الأعمى والعبد والمولى عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى رواه أحمد وأبو داود. وعن محمود بن الربيع: أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال: يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذ مصلى؟
فجاءه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان في البيت فصلى فيه رسول الله (ص) رواه بهذا اللفظ البخاري والنسائي.
حديث أنس أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه، وأبو يعلى، والطبراني عن عائشة، وأخرجه أيضا الطبراني بإسناد حسن عن ابن عباس، وأخرجه أيضا من حديث ابن بحينة وفي إسناده الواقدي. (وفي الباب) عن عبد الله بن عمر الخطمي أنه كان يؤم قومه بني خطمة وهو أعمى على عهد رسول الله (ص)، أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده وابن أبي خيثمة. قوله: يصلي بهم وهو أعمى فيه جواز إمامة الأعمى، وقد صرح أبو إسحاق المروزي والغزالي بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير لأنه أكثر خشوعا من البصير، لما في البصير من شغل القلب بالمبصرات، ورجح البعض أن إمامة الأعمى البصير أولى لأنه أشد توقيا للنجاسة والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهية، لأن في كل منهما فضيلة، غير أن إمامة البصير أفضل، لأن أكثر من جعله النبي (ص) إماما البصراء، وأما استنابته صلى الله عليه وآله وسلم لابن أم مكتوم في غزواته فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين إلا معذور، فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه، أو لم يتفرغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز. وأما إمامة عتبان ابن مالك لقومه فلعله أيضا لم يكن في قومه من هو في مثل حاله من البصراء. قوله: كان يؤم قومه وهو أعمى في رواية للبخاري:
أنه قال للنبي (ص): يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي.
وهو أصرح من اللفظ الذي ذكره المصنف في الدلالة على المطلوب لما فيه من ظهور التقرير بدون احتمال. قوله: وأنا رجل ضرير البصر في رواية للبخاري: جعل