عند ابن ماجة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الجمعة * (سبح اسم ربك الأعلى) * و * (هل أتاك حديث الغاشية) * وفي إسناده سعيد بن سنان، ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما. وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير والبزار في مسنده. وعن ابن عباس وسيأتي.
وقد استدل بأحاديث الباب على أن السنة أن يقرأ الإمام في صلاة الجمعة في الركعة الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالمنافقين، أو في الأولى: ب * (سبح اسم ربك الأعلى) * وفي الثانية بهل أتاك حديث الغاشية) *. أو في الأولى بالجمعة، وفي الثانية ب * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
قال العراقي: والأفضل من هذه الكيفيات قراءة الجمعة في الأولى، ثم المنافقين في الثانية، كما نص عليه الشافعي فيما رواه عنه الربيع، وقد ثبتت الأوجه الثلاثة التي قدمناها، فلا وجه لتفضيل بعضها على بعض، إلا أن الأحاديث التي فيها لفظ كان مشعرة بأنه فعل ذلك في أيام متعددة كما تقرر في الأصول. وقال مالك: إنه أدرك الناس يقرؤون في الأول بالجمعة، والثانية بسبح، ولم يثبت ذلك في الأحاديث: وقال الهادي والقاسم والناصر: أنه يندب أن يقرأ في الجمعة مع الفاتحة سورة الجمعة في الأولى، والمنافقين في الثانية أو سبح والغاشية. وقال زيد بن علي: في الأولى السجدة، وفي الثانية الدهر.
وقال أبو حنيفة وأصحابه ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن الحسن البصري أنه يقرأ الإمام بما شاء. وقال ابن عيينة أنه يكره أن يتعمد القراءة في الجمعة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لئلا يجعل ذلك من سننها وليس منها. قال ابن العربي: وهو مذهب ابن مسعود، وقد قرأ فيها أبو بكر الصديق بالبقرة. وحكى ابن عبد البر في الاستذكار عن أبي إسحاق المروزي مثل قول أبي عيينة، وحكى عن ابن أبي هريرة مثله، وخالفهم جمهور العلماء، وممن خالفهم من الصحابة علي وأبي هريرة، قال العراقي: وهو قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي ثور. (والحكمة) في القراءة في الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يقرأ في صلاة الجمعة بالجمعة فيحرض به المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين فيفزع المنافقين. قال العراقي: وفي إسناده من يحتاج إلى الكشف عنه. قال الطبراني: لم يروه عن أبي جعفر إلا منصور، تفرد به عنه عمرو بن أبي قيس. وقد اختلف فيه على منصور فرفعه عنه عمرو بن أبي قيس، وخالفه في إسناده جرير بن حازم، وأعضله فرواه عن منصور عن إبراهيم عن الحكم عن أناس من أهل المدينة.