أثبت منه. قال العراقي: قد ألان الخطيب الكلام في الحسين هذا، وقد كذبه يحيى بن معين، ونسبه ابن حبان إلى الوضع، وذكر له الذهبي في الميزان هذا لحديث، وأنه مما كذب فيه على مالك. وقد اختلف العلماء في جواز السفر يوم الجمعة من طلوع الفجر إلى الزوال على خمسة أقوال. الأول: الجواز قال العراقي وهو قول أكثر العلماء: فمن الصحابة:
عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح وابن عمر. ومن التابعين:
الحسن وابن سيرين والزهري. ومن الأئمة: أبو حنيفة ومالك في الرواية المشهورة عنه، والأوزاعي وأحمد بن حنبل في الرواية المشهورة عنه وهو القول القديم للشافعي، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم. والقول الثاني: المنع منه وهو قول الشافعي في الجديد وهو إحدى الروايتين عن أحمد وعن مالك. والثالث: جوازه لسفر الجهاد دون غيره وهو إحدى الروايات عن أحمد. والرابع: جوازه للسفر الواجب دون غيره وهو اختيار أبي إسحاق المروي من الشافعية ومال إليه إمام الحرمين. والخامس: جوازه لسفر الطاعة واجبا كان أو مندوبا وهو قول كثير من الشافعية وصححه الرافعي. وأما بعد الزوال من يوم الجمعة فقال العراقي: قد ادعى بعضهم الاتفاق على عدم جوازه وليس كذلك، فقد ذهب أبو حنيفة والأوزاعي إلى جوازه كسائر الصلوات، وخالفهم في ذلك عامة العلماء، وفرقوا بين الجمعة وبين غيرها من الصلوات بوجوب الجماعة في الجمعة دون غيرها، والظاهر جواز السفر قبل دخول وقت الجمعة وبعد دخوله لعدم المانع من ذلك، وحديث أبي هريرة وكذلك حديث ابن عمر لا يصلحان للاحتجاج بهما على المنع لما عرفت من ضعفهما ومعارضة ما هو أنهض منهما، ومخالفتهما لما هو الأصل، فلا ينتقل عنه إلا بناقل صحيح ولم يوجد، وأما وقت صلاة الجمعة فالظاهر عدم الجواز لمن قد وجب عليه الحضور إلا أن يخشى حصول مضرة من تخلفه للجمعة، كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن من السفر إلا معها، وما شابه ذلك من الاعذار، وقد أجاز الشارع التخلف عن الجمعة لعذر المطر، فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى.
باب انعقاد الجمعة بأربعين وإقامتها في القرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره عن أبيه