ظاهر كلام الترمذي أنه لم يأخذ به أحد ولكن قد أثبت ذلك غيره، والمثبت مقدم، فالأولى التعويل على ما قدمنا من أن ذلك الجمع صوري، بل القول بذلك متحتم لما سلف. وقد جمعنا في هذه المسألة رسالة مستقلة سميناها تشنيف السمع بإبطال أدلة الجمع، فمن أحب الوقوف عليها فليطلبها. قال المصنف رحمه الله تعالى بعد أن ساق حديث الباب ما لفظه: قلت وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر والخوف وللمرض، وإنما خولف ظاهر منطوقه في الجمع لغير عذر للاجماع ولأخبار المواقيت فتبقى فحواه على مقتضاه. وقد صح الحديث في الجمع للمستحاضة والاستحاضة نوع مرض. ولمالك في الموطأ عن نافع: أن ابن عمر كان إذا جمع الامراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم. وللأثرم في سننه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء اه.
باب الجمع بأذان وإقامتين من غير تطوع بينهما عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي (ص) صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا، كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما، وعلى أثر واحدة منهما رواه البخاري والنسائي. وعن جابر رضي الله عنه: أن النبي (ص) صلى الصلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وأتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما، ثم اضطجع حتى طلع الفجر مختصر لأحمد ومسلم والنسائي. وعن أسامة رضي الله عنه: أن النبي (ص) لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا متفق عليه. وفي لفظ:
ركب حتى جئنا المزدلفة فأقام المغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا رواه أحمد ومسلم. وفي لفظ: أتى المزدلفة فصلوا المغرب ثم حلوا رحالهم وأعنته ثم صلى العشاء رواه أحمد، وهو حجة في جواز التفريق بين المجموعتين في وقت الثانية.
قوله: صلى المغرب والعشاء في رواية للبخاري: جمع النبي صلى الله عليه وآله