فأتى النبي (ص) فاعتذر إليه وقال: إني كنت أعمل في نخل وخفت على الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعني لمعاذ: صل بالشمس وضحاها ونحوها من السور. رواهما أحمد بإسناد صحيح. فإن قيل: ففي الصحيحين من حديث جابر أن ذلك الرجل الذي فارق معاذا سلم ثم صلى وحده، وهذا يدل على أنه ما بنى بل استأنف.
قيل في حديث جابر: إن معاذا استفتح سورة البقرة فعلم بذلك أنهما قصتان وقعتا في وقتين مختلفين، إما لرجل أو لرجلين.
هذه القصة قد رويت على أوجه مختلفة، ففي بعضها لم يذكر تعيين السورة التي قرأها معاذ، ولا تعيين الصلاة التي وقع ذلك فيها، كما في رواية أنس المذكورة. وفي بعضها أن السورة التي قرأها * (اقتربت الساعة) * (القمر: 1) والصلاة العشاء، كما في حديث بريدة المذكور. وفي بعضها أن السورة التي قرأها البقرة والصلاة العشاء، كما في حديث جابر الذي أشار إليه المصنف. وفي بعضها أن الصلاة المغرب كما في رواية أبي داود والنسائي وابن حبان.
ووقع الاختلاف أيضا في اسم الرجل فقيل: حرام بن ملحان، وقيل: حزم بن أبي كعب، وقيل: حازم، وقيل: سليم، وقيل: سليمان، وقيل: غير ذلك. وقد جمع بين الروايات بتعدد القصة، وممن جمع بينها بذلك ابن حبان في صحيحه. قوله: ثبت أن الطائفة الأولى الخ، سيأتي بيان ذلك في كتاب صلاة الخوف. قوله: فدخل حرام بالحاء والراء المهملتين ضد حلال بن ملحان بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة. قوله: فلما طول يعني معاذا، وكذلك قوله فزعم. قوله: إني منافق في رواية للبخاري فكأن معاذا نال منه وللمستملي: تناول منه وفي رواية ابن عيينة: فقال له: أنا فقلت يا فلان؟ فقال: لا والله، ولآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكأن معاذا قال ذلك أولا، ثم قاله أصحابه للرجل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو بلغه الرجل كما في حديث الباب وغيره. وعند النسائي قال معاذ: لئن أصبحت لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فذكر ذلك له فأرسل إليه فقال: ما حملك على الذي صنعت؟ فقال: يا رسول الله عملت على ناضح لي. الحديث، ويجمع بين الروايتين بأن معاذا سبقه بالشكوى، فلما أرسل له جاء فاشتكى من معاذ. قوله: أفتان أنت؟ في رواية مرتين، وفي رواية ثلاثا، وفي رواية أفاتن؟. وفي رواية أتريد أن تكون فاتنا؟. وفي رواية: يا معاذ لا تكن فاتنا ومعنى الفتنة هنا أن التطويل يكون سببا لخروجهم من الصلاة ولترك الصلاة في الجماعة.