على مشروعية قراءة شئ من القرآن في الخطبة، ولا خلاف في الاستحباب، وإنما الخلاف في الوجوب كما تقدم. وقد اختلف في محل القراءة على أربعة أقوال. الأول في إحداهما لا بعينها، وإليه ذهب الشافعي وهو ظاهر إطلاق الأحاديث. والثاني في الأولى وإلى ذلك ذهبت الهادوية وبعض أصحاب الشافعي، واستدلوا بما رواه ابن أبي شيبة عن الشعبي مرسلا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه ثم قال: السلام عليكم، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويقرأ سورة ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب ثم ينزل، وكان أبو بكر وعمر يفعلانه. والقول الثالث إن القراءة مشروعة فيهما جميعا، وإلى ذلك ذهب العراقيون من أصحاب الشافعي، قال العراقي: وهو الذي اختاره القاضي من الحنابلة. والرابع في الخطبة الثانية دون الأولى، حكاه العمراني ويدل له ما رواه النسائي عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله عز وجل قال العراقي: وإسناده صحيح، وأجيب عنه بأن قوله يقرأ معطوف على قوله يخطب لا على قوله يقوم. والظاهر من أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يلازم قراءة سورة أو آية مخصوصة في الخطبة، بل كان يقرأ مرة هذه السورة، ومرة هذه، ومرة هذه الآية، ومرة هذه.
باب هيئات الخطبتين وآدابهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم كما يفعلون اليوم رواه الجماعة. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن قال إنه يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
قوله: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب يوم الجمعة قائما فيه أن القيام حال الخطبة مشروع. قال ابن المنذر: وهو الذي عليه عمل أهل العلم من علماء الأمصار اه.
واختلف في وجوبه، فذهب الجمهور إلى الوجوب، ونقل عن أبي حنيفة أن القيام سنة