فيه: من العلم أن المشي من صف إلى صف يليه لا يبطل، وأن حمد الله لأمر يحدث والتنبيه بالتسبيح جائزان، وأن الاستخلاف في الصلاة لعذر جائز من طريق الأولى، لأن قصاراه وقوعها بإمامين اه. ومن فوائد الحديث جواز كون المرء في بعض صلاته إماما، وفي بعضها مأموما. وجواز رفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء. وجواز الالتفات للحاجة، وجواز مخاطبة المصلي بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة في الدين. وجواز إمامة المفضول للفاضل. وجواز العمل القليل في الصلاة، وغير ذلك من الفوائد.
وعن عائشة قالت: مرض رسول الله (ص) فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي (ص) في نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي (ص) أن مكانك، ثم أتيا به حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر وكان أبو بكر يصلي قائما وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس بصلاة أبي بكر متفق عليه. وللبخاري في رواية:
فخرج يهادي بين رجلين في صلاة الظهر. ولمسلم: وكان النبي (ص) يصلي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير.
قوله: مرض رسول الله (ص) هو مرض موته (ص).
قوله: مروا أبا بكر استدل بهذا على أن الامر بالامر بالشئ يكون أمرا به، كما ذهب إلى ذلك جماعة من أهل الأصول، وأجاب المانعون بأن المعنى بلغوا أبا بكر أني أمرته، والمبحث مستوفى في الأصول. قوله: فخرج أبو بكر فيه حذف دل عليه سياق الكلام والتقدير فأمروه فخرج. وقد ورد مبينا في بعض روايات البخاري بلفظ: فأتاه الرسول فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رقيقا: يا عمر صل بالناس، فقال له عمر: أنت أحق بذلك. قوله: فوجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه خفة. يحتمل أنه صلى الله عليه وآله وسلم وجد الخفة في تلك الصلاة بعينها، ويحتمل ما هو أعم من ذلك. قوله: يهادي بضم أوله وفتح الدال أي يعتمد على الرجلين متمايلا في مشيه من شد الضعف، والتهادي التمايل في المشي البطئ. قوله: بين رجلين في البخاري أنهما العباس بن المطلب وعلي بن أبي طالب سلام الله عليهما. وفي رواية له: أنه خرج بين بريرة وثويبة. قال النووي: ويجمع بين الروايتين بأنه خرج من البيت إلى المسجد بين هاتين، ومن ثم إلى مقام المصلى بين العباس وعلي. أو يحمل على