إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة كما تقدم، وما هو في تحريك الشهوة فوق البخور داخل بالأولى. قوله: فلا تشهدن في بعض النسخ هكذا بزيادة نون التوكيد، وفي بعضها بحذفها، وظاهر النهي التحريم. قوله: رأى من النساء ما رأينا لمنعهن يعني من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرج، وإنما كان النساء يخرجن في المروط والأكسية والشملات الغلاظ. وقد تمسك بعضهم في منع النساء من المساجد مطلقا بقول عائشة وفيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم لأنها علقته على شرط لم يوجد في زمانه (ص)، بل قالت ذلك بناء على ظن ظنته فقالت: لو رأى لمنع فيقال عليه لم ير ولم يمنع وظنها ليس بحجة. قوله: كما منعت بنو إسرائيل نساءها هذا وإن كان موقوفا فحكمه الرفع لأنه لا يقال بالرأي، وقد روى نحوه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح. قوله: قالت نعم يحتمل أنها تلقته عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها، وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفا أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ولفظه قالت: كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشرفن للرجال في المساجد فحرم الله تعالى عليهن المساجد وسلطت عليهن الحيضة. وقد حصل من الأحاديث المذكورة في هذا الباب أن الاذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حلي أو أي زينة واجب على الرجال، وأنه لا يجب مع ما يدعو إلى ذلك، ولا يجوز ويحرم عليهن الخروج لقوله: فلا تشهدن وصلاتهن على كل حال في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد.
باب فضل المسجد الأبعد والكثير الجمع عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى. رواه مسلم. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
الحديث الثاني سكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده عبد الرحمن بن مهران مولى بني هاشم. قال في التقريب: مجهول. وقال في الخلاصة: وثقه ابن حبان انتهى. وبقية