أيضا الدارقطني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وفي إسناده الإفريقي. ورواه أيضا الطبراني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفي سنده رواد بن الجراح. ورواه أيضا البيهقي من حديث سعيد بن المسيب مرسلا وقال: روي موصولا عن أبي هريرة ولا يصح. ورواه موصولا الطبراني وابن عدي وسنده ضعيف والمرسل أصح. (والحديث) يدل على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، قال الترمذي: وهو مما أجمع عليه أهل العلم، كرهوا أن يصلي الرجل بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. قال الحافظ في التلخيص: دعوى الترمذي الاجماع على الكراهة لذلك عجيب، فإن الخلاف فيه مشهور، حكاه ابن المنذر وغيره، وقال الحسن البصري: لا بأس به، وكان مالك يرى أن يفعله من فاتته صلاة بالليل. وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في قيام الليل انتهى. وطرق حديث الباب يقوي بعضها بعضا، فتنتهض للاحتجاج بها على الكراهة. وقد أفرط ابن حزم فقال: الروايات في أنه لا صلاة بعد الفجر إلا ركعتا الفجر ساقطة مطروحة مكذوبة.
وعن عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيف للغروب حتى تغرب رواه الجماعة إلا البخاري.
قوله: أن نقبر هو بضم الباء الموحدة وكسرها لغتان. قال النووي: قال بعضهم: المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف، لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالاجماع، فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الاجماع، بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين، قال: فأما إذا وقد الدفن بلا تعمد في هذه الأوقات فلا يكره انتهى.
وظاهر الحديث أن الدفن في هذه الأوقات محرم من غير فرق بين العامد وغيره، إلا أن يخص غير العامد بالأدلة القاضية برفع الجناح عنه. قوله: بازغة أي ظاهرة. قوله: تضيف ضبطه النووي في شرح مسلم بفتح التاء والضاد المعجمة وتشديد الياء. والمراد به الميل. (والحديث) يدل على تحريم الصلاة في هذه الأوقات وكذا الدفن. وقد حكى النووي الاجماع على الكراهة قال: واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها، واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة التحية، وسجود التلاوة، والشكر، وصلاة العيد، والكسوف، وصلاة الجنازة، وقضاء الفوائت، ومذهب الشافعي وطائفة جواز ذلك كله بلا كراهة، ومذهب أبي حنيفة