وقد أخرج البيهقي والبزار عن عمر قال: قال رسول الله (ص): إن الامام يكفي من وراءه، فإن سها الامام فعليه سجدتا السهو، وعلى من وراءه أن يسجدوا معه، وإن سها أحد ممن خلفه فليس عليه أن يسجد والامام يكفيه. وفي إسناده خارجة بن مصعب وهو ضعيف، وأبو الحسين المدائني وهو مجهول. والحكم بن عبيد الله وهو أيضا ضعيف. (وفي الباب) عن ابن عباس عند ابن عدي وفي إسناد عمر بن عمرو العسقلاني وهو متروك، وقد ذهب إلى أن المؤتم يسجد لسهو الامام، ولا يسجد لسهو نفسه الحنفية والشافعية، ومن أهل البيت زيد بن علي والناصر والمؤيد بالله والامام يحيى، وروي عن مكحول والهادي أنه يسجد لسهوه لعموم الأدلة وهو الظاهر، لعدم انتهاض هذا الحديث لتخصيصها، وإن وقع السهو من الامام والمؤتم فالظاهر أنه يكفي سجود واحد من المؤتم، إما مع الامام أو منفردا، وإليه ذهب الفريقان والناصر والمؤيد بالله. وذهب الهادي إلى أنه يجب عليه سجودان لسهو الامام ثم لسهو نفسه، والظاهر ما ذهب إليه الأولون.
(والفائدة الثانية) أن قوله: مكان ما نسي من الجلوس يدل على أن السجود إنما هو لأجل ترك الجلوس لا لترك التشهد، حتى لو أنه جلس مقدار التشهد ولم يتشهد لا يسجد، وجزم أصحاب الشافعي وغيرهم أنه يسجد لترك التشهد وإن أتى بالجلوس. قوله: فليجلس زاد في رواية، ولا سهو عليه، وبها تمسك من قال: إن السجود إنما هو لفوات التشهد لا لفعل القيام، وإلى ذلك ذهب النخعي وعلقمة والأسود والشافعي في أحد قوليه، وذهبت العترة وأحمد بن حنبل إلى أنه يجب السجود لفعل القيام لما روي عن أنس أنه صلى الله عليه وآله وسلم تحرك للقيام في الركعتين الآخرتين من العصر على جهة السهو فسبحوا له فقعد ثم سجد للسهو، أخرجه البيهقي والدارقطني موقوفا عليه. وفي بعض طرقه أنه قال هذه السنة. قال الحافظ: ورجاله ثقات. وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن ابن عمر من حديثه بلفظ: لا سهو إلا في قيام عن جلوس أو جلوس عن قيام وهو ضعيف.
(واستدل) بأحاديث الباب أن التشهد الأول ليس من فروض الصلاة، إذ لو كان فرضا لما جبر بالسجود، ولم يكن بد من الاتيان به كسائر الفروض، وبذلك قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور، وذهب أحمد وأهل الظاهر إلى وجوبه، وقد تقدم الكلام على هذا الاستدلال، والجواب عنه في شرح أحاديث التشهد. قوله: وإن استتم قائما فلا يجلس فيه أنه لا يجوز العود إلى القعود والتشهد بعد الانتصاب الكامل، لأنه قد تلبس بالفرض، فلا