وفي الباب عن علي عليه السلام عند ابن ماجة، وعن ابن عمر عند أحمد، وأبي داود والطبراني غير حديثه الآتي، وعن ابن عباس عند ابن عدي في الكامل، وعن بلال عند أبي داود. قوله:
الضجعة بكسر الضاد المعجمة الهيئة، وبفتحها المرة ذكر معنى ذلك في الفتح. قوله: أشد تعاهدا في رواية ابن خزيمة: أشد معاهدة. ولمسلم: ما رأيته، إلى شئ من الخير أسرع منه إلى الركعتين قبل الفجر زاد ابن خزيمة من هذا الوجه، ولا إلى غنيمة. (والحديثان) يدلان على أفضلية ركعتي الفجر، وعلى استحباب التعاهد لهما، وكراهة التفريط فيهما. وقد استدل بهما على أن ركعتي الفجر أفضل من الوتر، وهو أحد قولي الشافعي، ووجه الدلالة أنه جعل ركعتي الفجر خيرا من الدنيا وما فيها، وجعل الوتر خيرا من حمر النعم، وحمر النعم جزء ما في الدنيا. وأصح القولين عن الشافعي أن الوتر أفضل. وقد استدل لذلك بما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أفضل الصلاة بعد الفريضة الصلاة في جوف الليل وبالاختلاف في وجوبه كما سيأتي، وقد وقع الاختلاف أيضا في وجوب ركعتي الفجر، فذهب إلى الوجوب الحسن البصري، حكى ذلك عنه ابن أبي شيبة في المصنف، وحكى صاحب البيان والرافعي وجها لبعض الشافعية أو الوتر وركعتي الفجر سواء في الفضيلة.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل رواه أحمد وأبو داود.
الحديث في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق المدني، ويقال فيه عباد بن إسحاق أخرج له مسلم، واستشهد به البخاري ووثقه يحيى بن معين. وقال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به وهو حسن الحديث، وليس بثبت ولا قوي. وقال يحيى بن سعيد القطان: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه، وقال بعضهم: إنما لم يحمدوه في مذهبه، فإنه كان قدريا فنفوه من المدينة، فأما رواياته فلا بأس. وقال البخاري: مقارب الحديث. وقال العراقي: إن هذا حديث صالح.
(والحديث) يقتضي وجوب ركعتي الفجر، لأن النهي عن تركهما حقيقة في التحريم، وما كان تركه حراما كان فعله واجبا، ولا سيما مع تعقيب ذلك. بقوله: ولو طردتكم الخيل فإن النهي عن الترك في مثل هذه الحالة الشديدة التي يباح لأجلها كثير من الواجبات من الأدلة الدالة على ما ذهب إليه الحسن من الوجوب، فلا بد للجمهور من قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي للنهي بعد تسليم صلاحية الحديث للاحتجاج. وأما الاعتذار عنه بحديث: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع فسيأتي الجواب عنه.