وقيل: للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا. وقيل: كان في ذهابه يتصدق، فإذا رجع لم يبق معه شئ فرجع من طريق آخر لئلا يرد من سأله، وهذا ضعيف جدا مع احتياجه إلى الدليل. وقيل: فعل ذلك لتخفيف الزحام، وهذا رجحه الشيخ أبو حامد، وأيده المحب الطبري بما رواه البيهقي من حديث ابن عمر فقال فيه: ليسع الناس، وتعقب بأنه ضعيف، وبأن قوله يسع الناس يحتمل أن يفسر ببركته وفضله وهو الذي رجحه ابن التين. وقيل: كان طريقه التي يتوجه منها أبعد من التي يرجع فيها، فأراد تكثير الاجر بتكثير الخطأ في الذهاب، وأما في الرجوع فليسرع إلى منزله، وهذا اختيار الرافعي وتعقب بأنه يحتاج إلى دليل، وبأن أجر الخطأ يكتب في الرجوع أيضا، كما ثبت في حديث أبي بن كعب عند الترمذي وغيره فلو عكس ما قال لكان له اتجاه ويكون سلوك الطريق القريبة للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك الفضيلة أول الوقت.
وقيل: إن الملائكة تقف في الطرقات فأراد أن يشهد له فريقان منهم، وقال ابن أبي حمزة:
هو في معنى قول يعقوب لبنيه: * (لا تدخلوا من باب واحد) * (يوسف: 67) وأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين. وأشار صاحب الهدى إلى أنه فعل ذلك لجميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة، انتهى كلام الفتح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنهم أصابهم مطر في يوم عيد، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العيد في المسجد رواه أبو داود وابن ماجة.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال في التلخيص:
إسناده ضعيف انتهى، وفي إسناده رجل مجهول وهو عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة الفروي المدني، قال فيه الذهبي في الميزان: لا يكاد يعرف، وقال: هذا حديث منكر، وقال ابن القطان: لا أعلم عيسى هذا مذكورا في شئ من كتب الرجال، ولا في غير هذا الاسناد.
(الحديث) يدل على أن ترك الخروج إلى الجبانة وفعل الصلاة في المسجد عند عروض عذر المطر غير مكروه، وقد اختلف هل الأفضل فعل صلاة العيد في المسجد أو الجبانة؟
فذهبت العترة ومالك إلى أن الخروج إلى الجبانة أفضل، واستدلوا على ذلك بما ثبت من مواظبته صلى الله عليه وآله وسلم على الخروج إلى الصحراء، وذهب الشافعي والامام يحيى وغيرهما إلى أن المسجد أفضل. قال في الفتح: قال الشافعي في الام: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة، وهكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه، وكذا عامة أهل البلدان إلا أهل مكة، ثم أشار الشافعي