حمزة عن عروة عن عائشة: كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن وهذا لرواية اتفق عليها الشيخان، فرواها البخاري من رواية معمر ومسلم من رواية يونس بن يزيد، وعمرو بن الحرث، قال البيهقي عقب ذكرهما: والعدد أولى بالحفظ من الواحد قال: وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر، قال: واختلف فيه أيضا على ابن عباس قال: وقد يحتمل مثل ما احتمل في رواية مالك. وقال النووي: إن حديث عائشة وحديث ابن عباس لا يخالفان حديث أبي هريرة، فإنه لا يلزم من الاضطجاع قبلهما أن لا يضطجع بعدهما، ولعله صلى الله عليه وآله وسلم ترك الاضطجاع بعدهما في بعض الأوقات بيانا للجواز، ويحتمل أن يكون المراد بالاضطجاع قبلهما هو نومه صلى الله عليه وآله وسلم بين صلاة الليل وصلاة الفجر كما ذكره الحافظ، وفي تحديثه صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة بعد ركعتي الفجر دليل على جواز الكلام بعدهما، وإليه ذهب الجمهور، وقد روي عن ابن مسعود أنه كرهه، روى ذلك الطبراني عنه، وممن كرهه من التابعين سعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وحكي عن سعيد بن المسيب، وقال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون الكلام بعد الركعتين. وعن عثمان بن أبي سليمان قال: إذا طلع الفجر فليسكتوا، وإن كانوا ركبانا وإن لم يركعوهما فليسكتوا. إذا عرفت الكلام في الاضطجاع تبين لك مشروعيته، وعلمت بما أسلفنا لك من أن تركه (ص) لا يعارض الامر للأمة الخاص بهم، ولاح لك قوة القول بالوجوب والتقييد في الحديث بأن الاضطجاع كان على الشق الأيمن يشعر بأن حصول المشروع لا يكون إلا بذلك لا بالاضطجاع على الجانب الأيسر، ولا شك في ذلك مع القدرة. وأما مع التعذر فهل يحصل المشروع بالاضطجاع على الأيسر أم لا؟ بل يشير إلى الاضطجاع على الشق الأيمن، جزم بالثاني ابن حزم وهو الظاهر. (والحكمة) في ذلك أن القلب معلق في الجانب الأيسر، فإذا اضطجع على الجانب الأيسر غلبه النوم، وإذا اضطجع على الأيمن قلق لقلق القلب وطلبه لمستقره.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس رواه الترمذي. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضاهما مع الفريضة لما نام عن الفجر في السفر.
الحديث قال الترمذي بعد إخراجه له: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه،