دون الايجاب، وأصرح منه قوله في الحديث الآخر: وسننت قيامه بعد قوله: فرض صيام رمضان.
قوله: من قام رمضان المراد قيام لياليه مصليا، ويحصل بمطلق ما يصدق عليه القيام، وليس من شرطه استغراق جميع أوقات الليل، قيل: ويكون أكثر الليل. وقال النووي: إن قيام رمضان يحصل بصلاة التراويح، يعني أنه يحصل بها المطلوب من القيام، لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها، وأغرب الكرماني فقال: اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح. قوله: إيمانا واحتسابا قال النووي: معنى إيمانا تصديقا بأنه حق معتقدا فضيلته، ومعنى احتسابا أن يريد الله تعالى وحده، لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الاخلاص. قوله: غفر له ما تقدم من ذنبه زاد أحمد والنسائي: وما تأخر. قال الحافظ: وقد ورد في غفران ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد اه. (قيل) ظاهر الحديث يتناول الصغائر والكبائر، وبذلك جزم ابن المنذر، وقيل: الصغائر فقط وبه جزم إمام الحرمين. قال النووي: وهو المعروف عند الفقهاء، وعزاه عياض إلى أهل السنة، وقد أورد أن غفران الذنوب المتقدمة معقول، وأما المتأخرة فلا، لأن المغفرة تستدعي سبق ذنب، وأجيب عنه بأن ذلك كناية عن عدم الوقوع. وقال الماوردي: إنها تقع منهم الذنوب مغفورة. (والحديث) يدل على فضيلة قيام رمضان وتأكد استحبابه، واستدل به أيضا على استحباب صلاة التراويح، لأن القيام المذكور في الحديث المراد به صلاة التراويح كما تقدم عن النووي والكرماني. قال النووي: اتفق العلماء على استحبابها. قال: واختلفوا في أن الأفضل صلاتها في بيته منفردا أم في جماعة في المسجد؟ فقال الشافعي وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة، كما فعله عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم واستمر عمل المسلمين عليه، لأنه من الشعائر الظاهرة، فأشبه صلاة العيد، وبالغ الطحاوي فقال: إن صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية، وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم: الأفضل فرادى في البيت لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة متفق عليه. وقالت العترة: إن التجميع فيها بدعة وسيأتي تمام الكلام على صلاة التراويح.
وعن جبير بن نفير عن أبي ذر قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في الثالثة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلنا: يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: إنه من قام مع الامام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ثم لم يقم بنا حتى