في المسجد جماعة تزيد على الصلاة في البيت والسوق وجماعة وفرادى، ولكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردا. قال ابن دقيق العيد: وهو الذي يظهر لي. وقال الحافظ: وهو الراجح في نظري قال: ولا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسوية بين صلاة البيت والسوق، إذ لا يلزم من استوائهما في المفضولية أن لا تكون إحداهما أفضل من الأخرى، وكذا لا يلزم منه التسوية بين صلاة البيت أو السوق، الأفضل فيها على الصلاة منفردا، بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختص بالجماعة في المسجد، والصلاة في البيت مطلقا أولى منها في السوق، لما ورد من كون الأسواق موضع الشياطين، والصلاة جماعة في البيت وفي السوق أولى من الانفراد انتهى. وقد استدل بالحديثين وما ذكرنا معهما القائلون بأن صلاة الجماعة غير واجبة وقد تقدم ذكرهم، لان صيغة أفضل كما في بعض ألفاظ حديث ابن عمر تدل على الاشتراك في أصل الفضل كما تقدم، وكذلك قوله في حديث أبي بن كعب: أزكى والمشترك ههنا لا بد أن يكون هو الاجزاء والصحة، وإلا فلا صلاة فضلا عن الفضل والزكاة. (ومن أدلتهم) على عدم الوجوب حديث: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة. وقد تقدم في باب الرخصة في إعادة الجماعة. (ومن أدلتهم) ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي موسى قال: قال رسول الله (ص): إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الامام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام.
وفي رواية أبي كريب عند مسلم أيضا: حتى يصليها مع الامام في جماعة. ومن أدلتهم أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر جماعة من الوافدين عليه بالصلاة ولم يأمرهم بفعلها في جماعة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وهذه الأدلة توجب تأويل الأدلة القاضية بالوجوب بما أسلفنا ذكره، وكذلك تأويل حديث ابن عباس المتقدم بلفظ: من سمع النداء فلم يأت الصلاة فلا صلاة له، إلا من عذر بأن المراد لا صلاة له كاملة، على أن في إسناده يحيى بن أبي حية الكلبي المعروف بأبي جناب بالجيم المكسورة، وهو كما قال الحافظ ضعيف ومدلس وقد عنعن، وقد أخرجه بقي بن مخلد وابن ماجة وابن حبان والدارقطني والحاكم من طريق أخرى بإسناد قال الحافظ: صحيح بلفظ: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ولكن قال الحاكم: وقفه أكثر أصحاب شعبة، ثم أخرج له شاهدا عن أبي موسى الأشعري بلفظ:: من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له وقد