صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات رواه الجماعة إلا البخاري. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته رواه الجماعة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل في المسجد، فقيل له في ذلك، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك رواه أبو داود.
حديث ابن عمر الآخر سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال العراقي: إسناده صحيح، وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بعد الجمعة أربعا وفي إسناد مبشر بن عبيد وهو ضعيف جدا. وفي السند ضعفاء غيره عن ابن مسعود عند الترمذي موقوفا عليه: أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا. قوله:
إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها الخ، لفظ أبي داود والترمذي وهو أحد ألفاظ مسلم: من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا قال النووي في شرح مسلم: نبه بقوله من كان منكم مصليا على أنها سنة ليست بواجبة، وذكر الأربع لفضلها وفعل الركعتين في أوقات بيانا لأن أقلها ركعتان قال: ومعلوم أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي في أكثر الأوقات أربعا لأنه أمرنا بهن وحثنا عليهن. قال العراقي: وما ادعي من أنه معلوم فيه نظر، بل ليس ذلك بمعلوم ولا مظنون، لأن الذي صح عنه صلاة ركعتين في بيته، ولا يلزم من كونه أمر به أن يفعله، وكون ابن عمر بن الخطاب كان يصلي بمكة بعد الجمعة ركعتين ثم أربعا، وإذا كان بالمدينة صلى بعدها ركعتين في بيته، فقيل له فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك، فليس في ذلك علم ولا ظن أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل بمكة ذلك، وإنما أراد رفع فعله بالمدينة فحسب، لأنه لم يصح أنه صلى الجمعة بمكة، وعلى تقدير وقوعه بمكة منه فليس ذلك في أكثر الأوقات، بل نادرا، وربما كانت الخصائص في حقه بالتخفيف في بعض الأوقات، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم: كان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش الحديث فربما لحقه تعب من ذلك، فاقتصر على الركعتين في بيته وكان يطيلهما، كما ثبت في رواية النسائي، وأفضل الصلاة طول القنوت أي القيام، فلعلهما كانت أطول من أربع ركعات خفاف أو متوسطات انتهى. (والحاصل) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الأمة أمرا مختصا بهم بصلاة أربع ركعات بعد الجمعة وأطلق ذلك، ولم يقيده بكونها في البيت، واقتصاره صلى الله عليه وآله وسلم على ركعتين كما في حديث ابن