كعب رضي الله عنهما: أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، قال فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخضمات، قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال:
أربعون رجلا رواه أبو داود وابن ماجة وقال فيه: كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة.
الحديث أخرجه أيضا ابن حبان والبيهقي وصححه، قال الحافظ: وإسناده حسن اه. وفي إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال مشهور. قوله: هزم النبيت هو بفتح الهاء وسكون الزاي المطمئن من الأرض، والنبيت بفتح النون وكسر الباء الموحدة وسكون الياء التحتية وبعدها تاء فوقية، قال في القاموس: هو أبوحي باليمن اسمه عمرو بن مالك اه. والمراد به هنا موضع من حرة بني بياضة وهي قرية على ميل من المدينة، وبنو بياضة بطن من الأنصار. قوله: في نقيع هو بالنون ثم القاف ثم الياء التحتية بعدها عين مهملة. قوله: الخضمات بالخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة موضع معروف. قوله:
أربعون رجلا استدل به من قال: إن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلا، وإلى ذلك ذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وبه قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعمر بن عبد العزيز. وجه الاستدلال بحديث الباب أن الأمة أجمعت على اشتراط العدد والأصل الظهر، فلا تصح الجمعة إلا بعدد ثابت بدليل وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز بأقل منه إلا بدليل صحيح. وثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي قالوا: ولم تثبت صلاته لها بأقل من أربعين، وأجيب عن ذلك بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين لأن هذه واقعة عين، وذلك أن الجمعة فرضت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بمكة قبل الهجرة، كما أخرجه الطبراني عن ابن عباس، فلم يتمكن من إقامتها هنالك من أجل الكفار، فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا، واتفق أعدتهم إذا كانت أربعين وليس فيه ما يدل على أن من دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة. وقد تقرر في الأصول أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم. وروى عبد بن حميد وعبد الرزاق عن محمد بن سيرين قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار لليهود: يوم يجمعون فيه كل أسبوع، وللنصارى مثل ذلك،