قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه ثم سلم، فيقول: أنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم متفق عليه. وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك. وفي رواية: قال: بينما أنا أصلي مع النبي (ص) صلاة الظهر سلم من ركعتين فقام رجل من بني سليم فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وساق الحديث. رواه أحمد ومسلم. وهذا يدل على أن القصة كانت بحضرته وبعد إسلامه. وفي رواية متفق عليها لما قال: لم أنس ولم تقصر، قال: بلى قد نسيت. وهذا يدل على أن ذا اليدين تكلم بعدما علم عدم النسخ كلاما ليس بجواب سؤال.
قال الحافظ في التلخيص: لهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ، وقد جمع جميع طرقه الحافظ صلاح الدين العلائي وتكلم عليه كلاما شافيا انتهى. (وفي الباب) عن ابن عمر عند أبي داود وابن ماجة. وعن ذي اليدين عند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والبيهقي. وعن ابن عباس عند البزار في مسنده والطبراني. وعن عبد الله بن مسعدة عند الطبراني في الأوسط. وعن معاوية بن خديج عند أبي داود والنسائي.
وعن أبن العريان عند الطبراني في الكبير. قال ابن عبد البر في التمهيد: وقد قيل إن أبا العريان المذكور هو أبو هريرة. وقال النووي في الخلاصة: إن ذا اليدين يكنى أبا العريان، قال العراقي: كلا القولين غير صحيح، وأبو العريان صحابي آخر لا يعرف اسمه، ذكره الطبراني فيهم في الكنى، وكذلك أورده أبو موسى المديني في ذيله على ابن مندة في الصحابة. قوله: صلى بنا ظاهره أن أبا هريرة حضر القصة وحمله الطحاوي على المجاز، قال: إن المراد به صلى بالمسلمين، وسبب ذلك قول الزبيري: إن صاحب القصة استشهد ببدر، لأنه يقتضي أن القصة وقعت قبل بدر، وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين، لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك، وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر، وهو خزاعي، واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة.
وأما ذو اليدين فتأخر بعد موت النبي (ص) بمدة، وحدث بهذا الحديث بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أخرج ذلك الطبراني واسمه الخرباق كما