آخر: لكن قيل إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع الخطبة لما فيها من سب من لا يستحق السب، والافراد في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه.
قوله: فقام رجل في المهمات أنه عمارة بن رؤيبة. وقال في الفتح: يحتمل أن يكون هو أبا مسعود كما في رواية عبد الرزاق. وفي البخاري ومسلم: أن أبا مسعود أنكر على مروان أيضا، فيمكن أن يكون الانكار من أبي سعيد وقع في أول الأمر، ثم تعقبه الانكار من الرجل المذكور. ويؤيد ذلك ما عند البخاري في حديث أبي سعيد بلفظ:
فإذا مروان يريد أن يرتقيه يعني المنبر قبل أن يصلي فجبذت بثوبه فجذبني فارتفع فخطب فقلت له: غير تم والله، فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم. وفي مسلم: فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة، فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، فقلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرات ثم انصرف والحديث فيه مشروعية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد إن استطاع ذلك، وإلا فباللسان، وإلا فبالقلب، وليس وراء ذلك من الايمان شئ.
وعن جابر رضي الله عنه قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على الطاعة ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن رواه مسلم والنسائي. وفي لفظ لمسلم: فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن.
الحديث فيه تقديم صلاة العيد على الخطبة، وترك الأذان والإقامة لصلاة العيد، وقد تقدم بسط ذلك، وفيه استحباب الوعظ والتذكير في خطبة العيد، واستحباب وعظ النساء وتذكيرهن وحثهن على الصدقة، إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف فتنة على الواعظ أو الموعوظ أو غيرهما، وفيه أيضا تمييز مجلس النساء إذا حضرن مجامع الرجال، لأن الاختلاط ربما كان سببا للفتنة الناشئة عن النظر أو غيره. قوله:
فلما فرغ نزل قال القاضي عياض: هذا النزول كان في أثناء الخطبة. قال النووي:
وليس كما قال، إنما نزل إليهن بعد خطبة العيد وبعد انقضاء وعظ الرجال، وقد ذكره مسلم صريحا في حديث جابر كما في اللفظ الذي أورده المصنف، وهو صريح أنه