بالمتنفل، وأجيب عن ذلك بأجوبة منها: قوله (ص): إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك فإنه ادعى الطحاوي أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصلي مع قومك، وإما أن تخفف بقومك ولا تصلي معي، ويرد بأن غاية ما في هذا أنه أذن له بالصلاة معه والصلاة بقومه مع التخفيف، والصلاة معه فقط مع عدمه، وهولا يدل على مطلوب المانع من ذلك، نعم قال المصنف رحمه الله ما لفظه: وقد احتج به بعض من منع اقتداء المفترض بالمتنفل، قال: لأنه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته، وبالاجماع لا تمتنع بصلاة النفل معه، فعلم أنه أراد بهذا القول صلاة الفرض، وأن الذي كان يصلي معه كان ينويه نفلا اه. وعلى تسليم أن هذا هو المراد من ذلك القول فتلك الزيادة أعني قوله: هي له تطوع ولهم مكتوبة أرجح سندا وأصرح معنى. وقول الطحاوي أنها ظن من جابر مردود، لأن جابرا كان ممن يصلي مع معاذ، فهو محمول على أنه سمع ذلك منه، ولا يظن بجابر أنه أخبر عن شخص بأمر غير معلوم له إلا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه، فإنه أتقى لله وأخشى. ومنها: أن فعل معاذ لم يكن بأمر النبي (ص) ولا تقريره، كذا قال الطحاوي، ورد بأن النبي (ص) علم بذلك وأمر معاذا به فقال: صل بهم صلاة أخفهم. وقال له لما شكوا إليه تطويله: أفتان أنت يا معاذ؟. وأيضا رأى الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة، والواقع ههنا كذلك، فإن الذين كان يصلي بهم معاذ كلهم صحابة، وفيهم كما قال الحافظ ثلاثون عقبيا وأربعون بدريا، وكذا قال ابن حزم قال: ولا نحفظ من غيرهم من الصحابة امتناع ذلك، بل قال: معهم بالجواز عمر وابنه، وأبو الدرداء، وأنس وغيرهم. ومنها: أن ذلك كان في الوقت الذي يصلي فيه الفريضة مرتين فيكون منسوخا بقوله (ص): لا تصلوا الصلاة في اليوم مرتين كذا قال الطحاوي، ورد بأن النهي عن فعل الصلاة مرتين، محمول على أنها فريضة في كل مرة، كما جزم بذلك البيهقي جمعا بين الحديثين، قال في الفتح: بل لو قال قائل: إن هذا النهي منسوخ بحديث معاذ لم يكن بعيدا، ولا يقال: القصة قديمة، وصاحبها استشهد بأحد، لأنا نقول: كانت أحد في أواخر الثالثة، فلا مانع أن يكون النهي في الأولى والاذن في الثانية مثلا، وقد قال (ص) للرجلين اللذين لم يصليا معه: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة أخرجه أصحاب السنن من حديث يزيد بن الأسود، وصححه ابن خزيمة وغيره، وقد تقدم، وكان ذلك في حجة الوداع في أواخر
(٢٠٦)