ويخير في السجود، وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر. وبه قال ابن حزم. وروى النووي في شرح مسلم عن داود أنه قال: تستعمل الأحاديث في مواضعها كما جاءت. قال القاضي عياض وجماعة من أصحاب الشافعي: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام أو بعد للزيادة أو للنقص أنه يجزئه ولا تفسد صلاته، وإنما اختلافهم في الأفضل. قال النووي: وأقوى المذاهب هنا مذهب مالك ثم الشافعي. وقال ابن حزم في مذهب مالك: أنه رأى لا برهان على صحته، قال: وهو أيضا مخالف للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمره بسجود السهو قبل السلام من شك فلم يدر كم صلى وهو سهو زيادة، ثم قال: ليت شعري من أين لهم أن جبر الشئ لا يكون إلا فيه لا بائنا عنه، وهم مجمعون على أن الهدى والصيام يكونان جبرا لما نقص من الحج وهما بعد الخروج عنه، وأن عتق الرقبة أو الصدقة أو صيام الشهرين جبرا لنقص وطئ التعمد في نهار رمضان، وفعل ذلك لا يجوز إلا بعد تمامه اه. وأحسن ما يقال في المقام أنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله (ص) من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب السجود مقيدا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرا بين السجود قبل السلام وبعده، من غير فرق بين الزيادة والنقص، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو نقصا أو مجموعهما، وهذا ينبغي أن يعد مذهبا تاسعا، لأن مذهب داود وإن كان فيه أنه يعمل بمقتضى النصوص الواردة كما حكاه النووي، فقد جزم بأن الخارج عنها يكون قبل السلام، وإسحاق بن راهويه وإن قال إنها تستعمل الأحاديث كما وردت، فقد جزم أنه يسجد لما خرج عنها إن كان زيادة بعد السلام، وإن كان نقصا فقبله كما سبق. والقائلون بالتخيير لم يستعملوا النصوص كما وردت، ولا شك أنه أفضل. ومحل الخلاف في الأفضل كما عرفت، وإن كانت الهادوية تقول بفساد صلاة من سجد لسهوه قبل التسليم مطلقا، لكن قولهم مع كونه مخالفا لما صرحت به الأدلة مخالف للاجماع الذي حكاه عياض وغيره. قوله:
فربما سألوه ثم سلم يعني سألوا محمد بن سيرين: هل سلم النبي (ص) بعد سجدتي السهو؟ فروي عن عمران بن حصين أنه أخبر أن النبي (ص) سلم بعدهما. ولفظ أبي داود: فقيل لمحمد سلم في السجود؟ فقال: لم أحفظه أبي هريرة، ولكن نبئت أن عمران بن