(ص) لذي اليدين على قوله: بلى قد نسيت وأصرح من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وهو متفق عليه من حديث ابن مسعود كما سيأتي. ومن أجوبتهم أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لا أنسى ولكن أنسى لا سن يدل على عدم صدور النسيان منه، وتعقب بما قاله الحافظ في الفتح أن هذا الحديث لا أصل له، فإنه من بلاغات مالك التي لم توجد موصولة بعد البحث الشديد. وأيضا هو أحد الأحاديث الأربعة التي تكلم عليها في الموطأ. (ومن أجوبتهم) أيضا حديث إنكاره صلى الله عليه وآله وسلم على من قال: نسيت آية كذا وكذا وقال: بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كذا وكذا وتعقب بأنه لا يلزم من ذم إضافة نسيان الآية ذم إضافة نسيان كل شئ، فإن الفرق بينهما واضح جدا. (ومن أجوبتهم) أن قوله: لم أنس راجع إلى السلام أي سلمت قصدا بانيا على ما في اعتقادي أني صليت أربعا. قال الحافظ: وهذا جيد، وكأن ذا اليدين فهم العموم فقال: بلى نسيت، والكلام في ذلك محله علم الكلام والأصول. وقد تكلم عياض في الشفاء بما يشفي، فمن أراد البسط فليرجع إليه، وهذا كله مبني على أن معنى السهو والنسيان واحد، وأما من فرق بينهما فله أن يقول هذه الأدلة وإن دلت على أنه وقع النسيان منه صلى الله عليه وآله وسلم فهي لا تستلزم وقوع السهو. قوله: فصلى ما ترك فيه جواز البناء على الصلاة التي خرج منها المصلي قبل تمامها ناسيا، وإلى ذلك ذهب الجمهور، كما قال العراقي من غير فرق بين من سلم من ركعتين أو أكثر أو أقل. وقال سحنون: إنما يبني من سلم من ركعتين كما في قصة ذي اليدين، لأن ذلك وقع على غير القياس، فيقتصر على مورد النص، وحديث عمران بن حصين الآتي يبطل ما زعمه من قصر الجواز على ركعتين، على أنه يلزمه أن يقصر الجواز على إحدى صلاتي العشي ولا قائل به.
وذهبت الهادوية إلى أنه لا يجوز البناء على الصلاة التي خرج منها بتسليمتين من غير فرق بين العمد والسهو، وأجابوا عن حديث الباب بأن قصة ذي اليدين كانت قبل نسخ الكلام، اعتمادا منهم على ما سلف عن الزهري، وقد قدمنا أنه وهم، على أنه قد روى البناء عمران بن حصين كما سيأتي وإسلامه متأخر. ورواه أيضا معاوية بن خديج كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، وإسلامه قبل موت النبي (ص) بشهرين، ومع هذا فتحريم الكلام كان بمكة، وقد حققنا ذلك في باب تحريم الكلام. (وفي حديث الباب) دليل على أن كلام الساهي لا يبطل الصلاة، وكذا