سيأتي، وقد جوز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين، فأرسل أحدهما وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر وهو قصة ذي اليدين. قال في الفتح: وهذا محتمل في طريق الجمع، وقيل: يحمل على أن ذا الشمالين كان يقال له أيضا ذو اليدين وبالعكس، فكان ذلك سبب الاشتباه، ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاوي الرواية الأخرى التي ذكرها المصنف بلفظ:
بينما أنا أصلي مع النبي (ص) قال الحافظ في الفتح: وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين، ونص على ذلك الشافعي في اختلاف الحديث. قوله: إحدى صلاتي العشي قال النووي: هو بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء، قال: قال الأزهري: العشي عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها، ويبين ذلك ما وقع عند البخاري من حديث أبي هريرة قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم الظهر أو العصر. وفي رواية له قال محمد يعني ابن سيرين: وأكثر ظني أنها العصر. وفي مسلم: العصر من غير شك. وفي رواية له: الظهر كذلك كما ذكر المصنف. وفي رواية له أيضا: إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر. قال في الفتح: والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة، وأبعد من قال يحمل على أن القصة وقعت مرتين، بل روى النسائي من طريق ابن عوف عن ابن سيرين أن الشك فيه من أبي هريرة ولفظه صلى الله عليه وآله وسلم إحدى صلاتي العشي، قال أبو هريرة: ولكني نسيت فالظاهر أن أبا هريرة رواه كثيرا على الشك، وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها، وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها، وطرأ الشك أيضا في تعيينها على ابن سيرين، وكأن سبب ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية. قوله:
فقام إلى خشبة في المسجد في رواية للبخاري: في مقدم المسجد. ولمسلم: في قبلة المسجد.
قوله: السرعان بفتح المهملات ومنهم من يسكن الراء، وحكى عياض أن الأصيلي ضبطه بضم ثم إسكان كأنه جمع سريع، والمراد بهم أول الناس خروجا من المسجد وهم أهل الحاجات غالبا. قوله: فهابا في رواية للبخاري: فهاباه بزيادة الضمير، والمعنى أنه غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه، وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلم العلم.
قوله: يقال له ذو اليدين قال القرطبي: هو كناية عن طولهما، وعن بعض شراح التنبيه أنه كان قصير اليدين، وجزم ابن قتيبة أنه كان يعمل بيديه جميعا. وذهب الأكثر