ابن عبد البر، وهو مخالف لما رواه الترمذي عنه. القول الثامن: أنه يصليهما وإن فاتته صلاة الامام إذا كان الوقت واسعا، قاله ابن الجلاب من المالكية. القول التاسع: أنه إذا سمع الإقامة لم يحل له الدخول في ركعتي الفجر ولا في غيرهما من النوافل، سواء كان في المسجد أو خارجه، فإن فعل فقد عصى وهو قول أهل الظاهر، ونقله ابن حزم عن الشافعي، وعن جمهور السلف، وكذا قال الخطابي، وحكي الكراهة عن الشافعي وأحمد. وحكى القرطبي في المفهم عن أبي هريرة وأهل الظاهر أنها لا تنعقد صلاة تطوع في وقت إقامة الفريضة، وهذا القول هو الظاهر، إن كان المراد بإقامة الصلاة الإقامة التي يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة وهو المعنى المتعارف. قال العراقي: وهو المتبادر إلى الأذهان من هذا الحديث. (والأحاديث) المذكورة في شرح الحديث الذي بعد هذا تدل على ذلك، لا إذا كان المراد بإقامة الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقي. ومنه قوله تعالى: * (الذين يقيمون الصلاة) * (المائدة 55) فإنه لا كراهة في فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع في الصلاة، وإذا كان المراد المعنى الأول فهل المراد به الفراغ من الإقامة لأنه حينئذ يشرع في فعل الصلاة؟ أو المراد شروع المؤذن في الإقامة؟ قال العراقي: يحتمل أن يراد كل من الامرين، والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة ليتهيأ المأمومون لادراك التحريم مع الامام. ومما يدل على ذلك قوله في حديث أبي موسى عند الطبراني: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلا صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن يقيم قال العراقي: وإسناده جيد، ومثله حديث ابن عباس الآتي.
قوله: فلا صلاة يحتمل أن يتوجه النفي إلى الصحة أو إلى الكمال، والظاهر توجهه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الحقيقة، وقد قدمنا الكلام في ذلك، فلا تنعقد صلاة التطوع بعد إقامة الصلاة المكتوبة، كما تقدم عن أبي هريرة وأهل الظاهر. قال العراقي: إن قوله: فلا صلاة يحتمل أن يراد فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة، ويحتمل أن يراد فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة، بل يقطعها المصلي لادراك فضيلة التحريم، أو أنها تبطل بنفسها، وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلا من الامرين، وقد بالغ أهل الظاهر فقالوا: إذا دخل في ركعتي الفجر أو غيرهما من النوافل فأقيمت صلاة الفريضة بطلت الركعتان، ولا فائدة له في أن يسلم منهما، ولو لم يبق عليه منهما غير السلام، بل يدخل كما هو بابتداء التكبير في صلاة الفريضة، فإذا أتم الفريضة فإن شاء ركعهما وإن شاء لم يركعهما، قال: وهذا غلو منهم في صورة ما إذا لم يبق عليه غير السلام، فليت شعري أيهما أطول زمنا،