قد قلنا: إنه إذا وقف على ولده الذكر والأنثى فيه سواء إلا أن يشرط تفضيل بعض منهم على بعض. فإن قال: الوقف بينهم على كتاب الله، كان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا وقف أيضا على والديه كان أيضا مثل ذلك يكون بينهما بالسوية إلا أن يفضل أحدهما على الآخر إما بتعيين أو بقرينة تدل على ذلك.
وقال شيخنا في نهايته: ولا بأس أن يقف المسلم على والديه أو ولده أو من بينه وبينه رحم وإن كانوا كفارا ولا يجوز وقفه على كافر لا رحم بينه وبينه على حال وكذلك إن أوصى لهم بشئ كان ذلك جائزا، هذا آخر كلامه رحمه الله.
قال محمد بن إدريس رحمه الله أما وقف المسلم على والديه الكافرين فصحيح لقوله تعالى:
وصاحبهما في الدنيا معروفا، على ما قدمناه فأما ما عدا الوالدين من الأهل والقرابات وغيرهم فلا يجوز ولا يصح الوقف عليهم بحال لأنا قد بينا أن من شرط صحة الوقف القربة به إلى الله تعالى ولا يصح التقرب إلى الله تعالى بالوقف على الكافر لأن شيخنا قد حكينا عنه في نهايته أنه قال: الوقف والصدقة شئ واحد لا يصح شئ منهما إلا ما يتقرب به إلى الله تعالى وإن لم يقصد بذلك وجه الله لم يصح الوقف، ثم يقول بعده ما حكيناه عنه من صحة الوقف على الكافر. وإنما هذه أخبار آحاد يجدها فيوردها بألفاظها إيرادا لا اعتقادا كما أورد أمثالها وإن كان غير عامل بها ولا معتقد لصحتها والأولى عندي أن جميع ذوي أرحامه الكفار يجرون مجرى أبويه الكافرين في جواز الوقف عليهم لحثه ع على صلة الأرحام وبهذا أفتى.
فأما صحة الوصية لمن ذكر فإنه على ما ذهب إليه لأنا لا نراعي في الوصية القربة بها إلى الله سبحانه فلهذا صحة الوصية لهم دون الوقف لما بيناه فليلحظ ذلك ويتأمل.
وإذا وقف الكافر على كافر مثله أو على البيع والكنائس والمواضع التي يتقربون بها إلى الله تعالى كان وقفه صحيحا لأنه يرى ذلك تدينا عنده، وإذا وقف الكافر وقفا على الفقراء كان ذلك الوقف ماضيا في فقراء أهل نحلته دون غيرهم من سائر أصناف الفقراء لأن شاهد حاله وفحوى خطابه يخصص إطلاق قوله وعمومه لأن من العلوم بشاهد الحال أنه ما أراد إلا فقراء ملته دون غيرهم والحكم في قول جميع أهل الآراء ووقفهم ما حكيناه فليلحظ ذلك.
إذا وقف المسلم المحق شيئا على المسلمين كان ذلك للمحقين من المسلمين لما دللنا