كتاب الوصايا الوصية مشتقة من وصاء النبت إذا اتصل بعضه ببعض، وكل وصية أمر وليس كل أمر وصية، فعلى هذا معنى الوصية وصل الأمر بمثله أو بغيره مما يؤكد. قال أبو علي النحوي:
كان الموصي وصل جل أمره بالموصى إليه. فقال: وصى فلان وأوصى، إذا وصل تصرف ما قبل الموت بما يكون بعد الموت. والتوصية أبلغ من الإيصاء لأنها لمرار كثيرة.
والأصل في ذلك الكتاب والسنة، أما الكتاب فقد قال الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم، فذكر هاهنا الوصية في أربعة مواضع: أحدها قوله: فلأمه السدس من بعد وصية.
الثاني في فرض الزوج، قال تعالى: فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين.
الثالث في فرض الزوجة، قال تعالى: فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين. الرابع قوله: فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين. فثبت بذلك أن الوصية لها حكم في الشرع.
فإذا ثبت هذا فالناس في الوصية على ثلاثة أضرب:
منهم من لا يصح له الوصية بحال، وهو الكافر الذي لا رحم له مع الميت وعند المخالف الوارث.
والثاني: من يصح له الوصية بلا خلاف، مثل الأجانب فإنه يستحب لهم الوصية، وعندنا الوارث تصح له الوصية أيضا.
والثالث: من هو مختلف فيه، وهو على ضربين: منهم الأقرباء الذين لا يرثونه بوجه