كتاب الوقوف والصدقات قال الله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.
لما نزلت هذه الآية عمد كثير من الصحابة إلى نفائس أموالهم فتصدقوا بها زيادة على الزكوات الواجبة، كما روي عن أبي طلحة أنه قال: يا رسول الله إن لي حائطا وقد جعلته صدقة، فقال: اجعله صدقة على فقراء أهلك، فجعله بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب.
وقد ورد في القرآن آي كثيرة تحت على الوقوف والصدقات بظواهرها، قال الله تعالى: وافعلوا الخير، وهو أمر بالطاعات والقربات فإن قيل: ما أنكرتم من فساد الاستدلال بذلك من جهة أن الخير لا نهاية له، ومحال أن يوجب الله علينا ما لا يصح أن نفعله، وإذا لم يصح إيجاب الجميع فليس البعض بذلك أولى من البعض وبطل الاستدلال بالآية.
قلنا: لا شبهة في أن إيجاب ما لا يتناهى لا يصح، غير أنا نفرض المسألة فنقول: قد ثبت أن من وقف وتصدق على بعض فقراء المؤمنين يكون فاعلا للخير، وفعل المرة صحيح غير محال، فيجب تناول الآية له، وهكذا يفرض في كل مسألة. وموضع استدلالنا بعموم هذه الآية وأمثالها على استحباب شئ من العبادات أو وجوب شئ من القربات هو أن نعين على ما يصح تناول الإيجاب والاستحباب له ثم ندخله في عموم الآية.