في يد الموقوف عليه على ما قدمناه فيما مضى.
ومنها: أن يكون الموقوف عليه غير الواقف فلو وقف على نفسه لم يصح فأما إذا وقف شيئا على المسلمين عامة فإنه يجوز له الانتفاع به عند بعض أصحابنا قال: لأنه يعود إلى أصل الإباحة فيكون هو وغيره فيه سواء، هذا إذا كان الوقف عاما كان حكمه كحكم غيره من الناس الفقراء والمساكين، وإن لم يكن عاما وكان مخصوصا بقوم معينين لم يجز له ذلك، وإن كان ما وقفه دارا أو منزلا وكان وقفه لذلك عاما في سائر الناس مثل الدور التي ينزلها الحاج والخانات جاز له النزول فيها، وإن لم يكن كذلك لم يجز له ذلك على حال والذي يقوى عندي أن الواقف لا يجوز له الانتفاع بما وقفه على حال لما بيناه وأجمعنا عليه من أنه لا يصح وقفه على نفسه وأنه بالوقف قد خرج عن ملكه فلا يجوز عوده إليه بحال.
ومنها: أن يكون معروفا مميزا يصح التقرب إلى الله تعالى بالوقف عليه وهو ممن يملك المنفعة حالة الوقف، فعلى هذا لا يصح أن يقف الانسان على شئ من معابد أهل الضلال ولا على مخالف للإسلام أو معاند للحق غير معتقد له إلا أن يكون أحد والديه لقوله تعالى:
وصاحبهما في الدنيا معروفا، وما عداهما من الأهل والقرابات الكفار والمعاندين للحق فلا يجوز الوقف عليهم بحال لأنا قد بينا إن شرط صحة الوقف التقرب به إلى الله تعالى. ولا يصح الوقف على من لم يوجد من أولاده ولا ولد لهم ولا على الحمل قبل انفصاله ولا على عبده بلا خلاف، ولو وقف على أولاده وفيهم موجود ولم ينو تعيين الوقف بالموجود ولا شرطه للموجود وحده صح ودخل في الوقف من سيولد له على وجه التبع لأن الاعتبار باتصال الوقف في ابتدائه بموجود هو من أهل الملك، فإن شرط أنه للموجود دون من سيولد فلا يدخل مع الموجود من سيولد فيما بعد بغير خلاف. ويصح الوقف على المساجد والقناطر وغيرهما لأن المقصود بذلك مصالح المسلمين وهم يملكون الانتفاع.
ومنها: أن يكون الوقف مؤبدا غير منقطع فلو قال: وقفت هذا سنة، لم يصح فأما قبض الموقوف عليه أو من يقوم مقامه في ذلك فشرط في اللزوم والصحة.
ومنها: أن لا يدخله شرط خيار الواقف في الرجوع فيه ولا أن يتولاه هو بنفسه أو يغيره هو متى شاء وينقله في وجوهه وسبله، فمتى شرط ذلك كان الوقف باطلا على