شهادة شاهدين. ومن قال: ينتقل إلى الموقوف عليه، قال: تقبل في ذلك شهادة واحد ويمين المدعي الذي هو الموقوف عليه، لأن شهادة الواحد ويمين المدعي يقبل عندنا في كل ما كان مالا أو المقصود منه المال والوقف مال أو المقصود منه المال بغير خلاف.
يجوز وقف الأراضي والعقار والدور والرقيق والماشية والسلاح وكل عين تبقى بقاء متصلا ويمكن الانتفاع بها خلافا لأبي يوسف فإنه لا يجوز الوقف إلا في الدور والأراضي والكراع والسلاح والغلمان تبعا للصيغة الموقوفة، وكل عين جاز بيعها ويمكن الانتفاع بها مع بقائها المتصل فإنه يجوز وقفها إذا كانت معينة، فأما إذا كانت في الذمة أو كانت مطلقة وهو أن يقول: وقفت فرسا أو عبدا، فإن ذلك لا يجوز لأنه لا يمكن الانتفاع به ما لم يتعين ولا يمكن تسليمه ولا يمكن فيه القبض ومن شرط لزومه القبض، فأما الدنانير والدراهم فلا يصح وقفهما بلا خلاف وإنما قلنا: لا يجوز، لأنها لا منفعة لهما مقصودة غير التصرف فيهما، فأما إذا كانت حليا مباحا فلا يمنع من وقفها مانع، فأما ما عدا الدنانير والدراهم من الأواني والفرش والدواب والبهائم فإنه يجوز وقفها لما ذكرناه.
ويجوز وقف المشاع كما يجوز وقف المقسوم ويصح قبضه كما يصح قبضه في البيع.
وجملة القول: إنه يفتقر صحة الوقف إلى شروط:
منها: أن يكون الواقف مختارا مالكا للتبرع فلو وقف محجور عليه لفلس لم يصح.
ومنها: أن يكون متلفظا بصريحه قاصدا له وللتقرب به إلى الله تعالى، والتصريح من ألفاظه: وقفت وحبست وسلبت. فأما قوله: تصدقت، فإنه يحتمل الوقف وغيره إلا أن يقرن إليه قرينة تدل على أنه وقف مثل قوله: تصدقت صدقة لا تباع ولا توهب وغير ذلك، وكذلك قوله: حرمت وأبدت، لا يدل على صريح الوقف إلا أن يضم إلى ذلك ضميمة مع أنهما لم يرد بهما عرف الشرع فلا يحمل على الوقف إلا بدليل، ومن أصحابنا من اختار القول بأنه لا صريح في الوقف إلا قوله: وقفت دون حبست وسبلت وهو الذي يقوى في نفسي لأن الاجماع منعقد على أن ذلك صريح في الوقف وليس كذلك ما عداه، ولو قال: تصدقت، ونوى به الوقف صح فيما بينه وبين الله تعالى لكن لا يصح في الحكم لما ذكرناه من الاحتمال.
ومنها: أن يكون الموقوف معلوما مقدورا على تسليمه يصح الانتفاع به مع بقاء عينه