القسم الثاني: في تصرفات المريض:
وهي نوعان مؤجلة ومنجزة فالمؤجلة: حكمها حكم الوصية إجماعا وقد سلفت، وكذا تصرفات الصحيح إذا قرنت بما بعد الموت.
والمنجزة: أما منجزات المريض إذا كانت تبرعا كالمحاباة في المعاوضات والهبة والعتق والوقف، فقد قيل: إنها من أصل المال، وقيل: من الثلث واتفق القائلان على أنه لو برئ لزمت من جهته وجهة الوارث أيضا والخلاف فيما لو مات في ذلك المرض، ولا بد من الإشارة إلى المرض الذي معه يتحقق وقوف التصرف على الثلث فنقول: كل مرض لا يؤمن معه من الموت غالبا فهو مخوف كحمى الدف والسل وقذف الدم والأورام السودائية والدموية والإسهال المنتن والذي يمازجه دهنية أو براز أسود يغلي على الأرض وما شاكله.
وأما الأمراض التي الغالب فيها السلامة فحكمها حكم الصحة كحمى يوم وكالصداع عن مادة أو غير مادة والدمل والرمد والسلاق. وكذا ما يحتمل الأمرين كحمى العفن والزحير والأورام البلغمية.
ولو قيل: يتعلق الحكم بالمرض الذي يتفق به الموت سواء كان مخوفا في العادة أو لم يكن، لكان حسنا. أما وقت المراماة في الحرب والطلق للمرأة وتزاحم الأمواج في البحر فلا أرى الحكم يتعلق بها، لتجردها عن إطلاق اسم المرض.
وهاهنا مسائل:
الأولى: إذا وهب وحابى فإن وسعهما الثلث فلا كلام، وإن قصر بدئ بالأول فالأول حتى يستوفى الثلث وكان النقص على الأخير.
الثانية: إذا جمع بين عطية منجزة ومؤخرة قدمت المنجزة فإن اتسع الثلث للباقي وإلا صح فيما يحتمله الثلث وبطل فيما قصر عنه.