أحدها: أن يدعو إليها داعي الولاية الدينية فيقصد بها وجهها قربة إليه سبحانه فيلزم في السنة قبولها، ويخرج بالقبول عن يد المهدي ويحرم الرجوع فيها والتعوض عنها، وإن لم يقبلها خالف السنة، وللمهدي التصرف فيها وإن كان قد فصلها عن ماله وليست كالصدقة.
وثانيها: أن يدعو إليها داعي المودة الدنيوية والتكرم، فيحسن قبولها إذا عريت من وجوه القبح، ويقبح القبول مع ثبوته، ويخرج بالقبول عن يد المهدي وله الرجوع فيها ما لم يتصرف فيها من أهديت إليه وإمضاؤها أفضل، ولا تجب المكافاة عليها، وفعلها أفضل.
وثالثها: أن تدعو إليها الرغبة في العوض عنها، وهي مختصة بهدية للأدنى الأعلى في الدنيا، فهو مخير في قبولها وردها، فإن قبلها لزمه العوض عنها، بمثلها، والزيادة أفضل، ولا يجوز له التصرف فيها ولما يعوض عنها أو يعزم على ذلك، وإذا عوض عنها وقبل المهدي العوض لم يكن له الرجوع فيها وإن كان دونها، وإن لم يقبل العوض فله الرجوع فيها ما دامت عينها قائمة وإن بذل له زيادة عليها، فإن تصرف فيها فعليه قيمتها إلا أن يتبرع بالفضل.
فصل في السكنى والرقبى والعمرى:
إسكان المرء غيره ورقباه وتعميره وجوه يحسن لها التصرف، وكل من ذلك على ضربين: أحدهما يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل تكرما أو لبعض الأغراض الدنيوية، والثاني لا يصح الرجوع فيه وهو ما يفعل لوجه الله تعالى.
والسكنى: أن يسكن المالك غيره في داره مدة معلومة بغير أجر فإذا انقضت المدة رجعت الدار إليه.
والرقبى: أن يسكنه فيها مدة حياته، فإذا مات المالك انتقلت إلى ورثته، فإن شاؤوا أقروا المراقب على الرقبى وإن شاؤوا فسخوا.
والعمرى: أن يسكنه فيها بغير أجر طول عمره، فإذا مات المعمر والمالك حي رجعت إليه، وإن مات قبل المعمر لم ينفسخ التعمير حتى يموت هو، فرجع الدار إلى ورثة المعمر.
وهذا الحكم في السكنى والرقبى والعمرى مختص بما يقصد به وجه الله تعالى، ومن