لا ينتسبون إلى أمهم وإنما ينتسبون إلى أبيهم وكلامنا على غير الانتساب. وأما قولهم ولد الهاشمي من العامية هاشمي وولد العامي من الهاشمية عامي فالجواب عنه: إن ذلك في الانتساب وليس كلامنا فيه بل كلامنا في الولادة وهي متحققة من جهة الأم بغير خلاف.
ويكون الذكر والأنثى فيه سواء إلا أن يشرط الواقف تفضيل بعضهم على بعض.
وإذا وقف على نسله أو عقبه أو ذريته فهذا حكمه بدليل قوله تعالى: ومن ذريته داود وسليمان، إلى قوله: وعيسى وإلياس، فجعل عيسى من ذريته وهو ينتسب إليه من الأم وإن وقف على عترته فهم الأخص به من قومه وعشيرته، وقد نص على ذلك ثعلب وابن الأعرابي من أهل اللغة ولا يلتفت إلى قول القتيبي في ذلك وما تعلق به من حديث أبي بكر في قوله: نحن عترة رسول الله، لأن هذا الحديث لم يصححه نقاد الآثار ونقلة الأخبار.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومتى شرط الواقف أنه متى احتاج إلى شئ منه كان له بيعه والتصرف فيه كان الشرط صحيحا وكان له أن يفعل ما شرط إلا أنه إذا مات والحال ما ذكرناه رجع ميراثا ولم يمض الوقف.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: لو كان الوقف صحيحا لم يرجع ميراثا ولكان يمضى الوقف فيه بعد موته بل الشرط الذي أفسده لأنا قد بينا أنه متى شرط العود في نفس الوقف كان الوقف باطلا فلأجل ذلك رجع ميراثا وشيخنا أبو جعفر ذهب إلى أن دخول الشرط في نفس الوقف يبطله، ذكر ذلك في مبسوطه وفي مسائل خلافه في كتاب البيوع لأن عقد الوقف عقد لازم من الطرفين مثل عقد النكاح.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: والوقف والصدقة شئ واحد لا يصح شئ منها إلا ما يتقرب به إلى الله تعالى فإن لم يقصد بذلك وجه الله تعالى لم يصح الوقف إلا أن الوقف يمتاز من الصدقة بأنه لا بد أن يكون مؤبدا ولا يصح بيعه على ما قدمناه والصدقة يصح بيعها ساعة قبضها وليس من شرطها أن تكون مؤبدة والوقف لا يصح إلا أن يكون مؤبدا على ما قدمناه ولا يصح أن يكون موقتا. فإن جعله كذلك لم يصح إلا أن يجعله سكنى أو عمري أو رقبى على ما نبينه عند المصير إليه إن شاء الله.