الرجوع في هبته أخرجناه بدليل وهو الاجماع من أصحابنا، فإذا تقرر هذا فهي من العقود الجائزة تحتاج إلى إيجاب وقبول ومن شرط لزومها الإقباض، وذهب الأكثرون من أصحابنا إلى أن من شرط انعقادها وصحته وصحة الإقباض إذن الواهب فمتى قبضها الموهوب له بغير إذن الواهب كان القبض فاسدا.
ويكره أن يرجع الانسان فيما يهبه لزوجته وكذلك يكره للمرأة الرجوع فيما تهبه لزوجها وقد قلنا: إنه لا يجوز للإنسان أن يرجع فيما يهبه لوجه الله تعالى بعد الإقباض على حال.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وما تصدق الانسان به لوجه الله فلا يجوز له أن يعود إليه بالبيع والهبة والشراء فإن رجع إليه بالميراث كان جائزا.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: لا بأس أن يعود إليه بأمر شرعي إما بالبيع أو الهبة أو الشراء وغير ذلك وإنما هذا خبر واحد أورده إيرادا لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع لأن المتصدق عليه قد ملك الصدقة وله بيعها على من شاء من الناس سواء باعها على المتصدق بها أو على غيره بغير خلاف، وشيخنا فقد رجع عما قاله في مسائل خلافه في الجزء الأول من كتاب الزكاة قال: مسألة: يكره للإنسان أن يشترى ما أخرجه في الصدقة وليس بمحظور، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: البيع مفسوخ. دليلنا قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا، وهذا بيع فمن ادعى فسخه فعليه الدلالة. هذا آخر كلامه رحمه الله في مسألته فانظر إلى قوله هاهنا وإلى قوله في نهايته يشعرك أن تلك أخبار آحاد يوردها إيرادا على ما يجدها بألفاظها من غير اعتقاد لصحتها.
وروي أنه إذا أخرج الانسان شيئا لوجه الله تعالى يتصدق به ففاته من يريد إعطاءه فليتصدق به على غيره ولا يرده في ماله وذلك على طريق الاستحباب دون الفرض والإيجاب.
ولا بأس أن يفضل الانسان بعض ولده على بعض بالهبة والنحلة إلا أنه يكره ذلك في حال المرض إذا كان الواهب معسرا فإذا كان موسرا لم يكره ذلك.
إذا وهب الوالد لولده وإن علا الوالد أو الأم لولدها وإن علت وقبضوا إن كانوا