مسائل شتى من الهبات والوقوف مسألة في الهبة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من وهب شيئا لغيره غير قاصد به ثواب الله تعالى ووجهه جاز له الرجوع فيه ما لم يتعوض عنه، ولا فرق في ذلك بين الأجنبي وذي الرحم.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك، فقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا وهب لذي الرحم المحرم لم يرجع، وإن وهب لامرأته لم يرجع، وكذلك المرأة لزوجها، وإن وهب لأجنبي رجع إن شاء ما لم يثب عنها أو يزيد الشئ في نفسه. وذكر هشام عن محمد عن أبي حنيفة: إذا علم الموهوب له المملوك القرآن أو الخبر فله أن يرجع فيه. وقال محمد: لا يرجع، قال محمد وكذلك لو كان كافرا فأسلم أو كان عليه دين فأداه الموهوب له. وقال الحسن عن زفر إن علمها الموهوب له القرآن أو الكتابة أو المشط فحذقت ذلك فله أن يرجع فيها. وقال أبو يوسف: لا يرجع. وقال عثمان البستي: في الرجل يعطي الرجل العطية لا يبين أنه متقرب مستغزر فعطيته جائزة وليس له أن يرجع فيها. وقال مالك: من نحل ولدا له نحلا أو أعطاه عطاء ليس بصدقة فله أن يقبضها إن شاء ما لم يستحدث الولد دينا من أجل العطاء فإذا صار عليه الديون لم يكن للوالد أن يقبض من ذلك شيئا.
وكذلك إذا زوج الفتاة بذلك المال أو كانت جاريته فتزوجت بذلك فليس للأب أن يقبض من ذلك شيئا. وقال مالك: والأمر المجمع عليه عندنا في بلدنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي الواهب قيمتها يوم قبضها