عليه من فحوى الخطاب وشاهد الحال، وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا وقف المسلم شيئا على المسلمين كان ذلك لجميع من أقر بالشهادتين وأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد وإن اختلفوا في الآراء والديانات، وهذا خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا لأنا وإياه نراعي في صحة الوقف التقرب به إلى الله تعالى وبعض هؤلاء لا يتقرب الانسان المحق بوقفه عليه.
وقال أيضا في نهايته: فإن وقف على المؤمنين كان ذلك خاصا لمجتنبي الكبائر من أهل المعرفة بالإمامة دون غيرهم ولا يكون للفساق منهم معهم شئ على حال.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: الصحيح أنه يكون لجميع المؤمنين من العدل والفاسق لأن كل خطاب خوطب به المؤمنون يدخل الفساق من المؤمنين في ذلك الخطاب في جميع القرآن والسنة والأحكام بغير خلاف مثل قوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة، وكقوله: فتحرير رقبة مؤمنة، وغير ذلك من الآيات ولم يرد العدل بغير خلاف. وقد ذكر السيد المرتضى في جواب المسائل الناصريات في المسألة السابعة والسبعين والمائة: والفاسق عندنا في حال فسقه مؤمن يجتمع له الإيمان والفسق ويسمى باسمهما وكل خطاب دخل فيه المؤمنون دخل فيه من جمع بين الفسق والإيمان، هذا آخر كلام المرتضى رضي الله عنه وإنما هذه أخبار آحاد يوردها شيخنا في كتابه النهاية إيرادا لأنه كتاب خبر لا كتاب بحث ونظر فإنه رحمه الله قد رجع في كتبه كتب البحث عن معظم ما ذكره في نهايته مثل مسائل خلافه ومبسوطه وغير ذلك من كتبه فلا يتوهم أحد وينسبه منه إلى تقصير وقلة تحقيق وإنما العذر له فيما ذكرناه وقد أفصح عن ذلك وأبان واعتذر لنفسه في خطبة مبسوطه على ما حكيناه عنه في خطبة كتابنا هذا فليلحظ من هناك. وقد رجع شيخنا أبو جعفر عما قاله في نهايته في كتاب التبيان فقال في تفسير قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم، فقال: هذا الخطاب يرجع إلى جميع المؤمنين ويدخل فيه الفساق بأفعال الجوارح وغيرها لأن الإيمان لا ينفي الفسق عندنا وعند المعتزلة أنه خطاب لمجتنبي الكبائر. هذا آخر كلامه رحمه الله في التبيان.
وإذا وقف على الشيعة ولم يميز فيهم قوما دون قوم كان ذلك الوقف ماضيا في الإمامية والجارودية من الزيدية دون البترية.