الينابيع الفقهية - علي أصغر مرواريد - ج ١٢ - الصفحة ١٠٨
باب الوقوف والصدقات:
الوقف في الأصل صدقة، ويثبت صحته بأمرين: أحدهما: صحة التصرف فيما يقفه الانسان أما بملك أو إذن، والآخر: أن يقبضه ويخرجه عن يده إلى من هو وقف عليه أو لمن يتولى عنه ذلك أو يقوم مقامه في قبضه. فإذا وقف على خلاف ذلك كان باطلا، فإن مات الواقف والحال فيما وقفه وحبسه على ما ذكرناه كان ميراثا لورثته، وليس يجوز الوقف إلا فيما يحصل به الانتفاع على الاستمرار وعينه قائمة أو فيما يكون له أصل ثابت وإن لم يستمر الانتفاع به إلا في أوقات مخصوصة، فأما الأول: فهو كالدور والمساكن والضياع والأراضي والرقيق والحلي وكتب العلوم والمصاحف وما جرى مجرى ذلك، وآلات الحرب إذا وقف ذلك في الجهاد مثل السيوف والدروع والخيل وما جرى هذا المجرى.
وأما الثاني: فهو كالنخل لأنه يصح وقف ثمرته والأصل ثابت وكذلك جميع ما جرى هذا المجرى، ولا يجوز وقف ما لا ينتفع به إلا باستهلاك عينه، كالدنانير والدراهم وما يؤكل ويشرب وما أشبه ذلك.
والصدقة ضربان: مطلقة وغير مطلقة، فالمطلقة: هي كل صدقة حصلت عارية من جميع الشروط، والذي ليس بمطلق منها ضربان: مشروط ومؤبد، والمشروط: كل صدقة علق الانتفاع بها بشرط لا يفيد التأبيد، وأما المؤبد: فهو كل صدقة شرط إيصال الانتفاع بها إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها.
والصدقة المطلقة تقتضي التمليك لرقبة الملك المتصدق به ويصح من المتصدق عليه به التصرف في ذلك بالبيع والهبة وغير ذلك من وجوه التصرف.
وأما الصدقة المشروطة فإنها إذا وقعت كذلك اقتضت تمليك الانتفاع بمنافعها دون رقبة الملك، ولا يصح تصرف المتصدق عليه بها في رقبة الملك بل له التصرف في المنافع بحسب ما يقتضيه الشرط الحاصل فيها.
وأما المؤبد فإذا وقعت الصدقة عليه كانت وقفا وحبسا واقتضت صحة التصرف
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 105 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست