وإذا خاف الموصي في وصيته فللوصي أن يردها إلى العدل، وهو المروي عن أبي عبد الله ع.
وقال قوم: أي فمن خاف من موص في حال مرضه الذي يريد أن يوصي فيه ويعطي بعضا ويضر ببعض فلا إثم عليه أن يشير عليه بالحق ويرده إلى الصواب ويشرع في الإصلاح بين الموصي والورثة والموصى له حتى يكون الكل راضين ولا يحصل حيف ولا ظلم ويكون ذا صلح بينهم يريد فيما يخاف من حدوث الخلاف فيه فيما بعده، ويكون قوله " فمن خاف " على ظاهره فيكون الخوف مترقبا غير واقع. وهذا قريب أيضا غير أن الأول أصوب.
وإنما قيل للمتوسط بالإصلاح: ليس عليه إثم، ولم يقل: فله الأجر على الإصلاح، لأن المتوسط إنما يجري أمره في الغالب على أن ينقص صاحب الحق بعض حقه بسؤاله إياه، فاحتاج أن يبين الله تعالى لنا أنه لا إثم عليه في ذلك إذا قصد الإصلاح.
والضمير في قوله " بينهم " عائد إلى الموصى له ومن ينازعه لأن الكلام عليهم، وقيل:
يعود إلى الوالدين والأقربين. وقوله " فلا إثم عليه " قد ذكرنا أن الضمير عائد إلى المصلح المذكور في " من " وقيل الضمير عائد إلى الوصي.
والجنف في الوصية على جهة الخطأ لأنه لا يدري أنه لا يجوز، والإثم أن يتعمد ذلك، روي ذلك عن الباقر ع. وقيل: الجنف أن يوصي بأكثر من الثلث أو يوصي بمال في معصية أو إنفاق في غير مرضاة الله، فإن ذلك كله يرد ولا ينفذ.
فإما أن يوصي الرجل لابن بنته وله أولاد أو يوصي لزوج بنته وله أولاد، فلا يجوز رده على وجه عندنا، وكذا إن وصى للبعيد دون القريب لا ترد وصيته.
باب: الوصية للوارث وغيره من القرابات وأحكام الأوصياء:
الوصية للوارث جائزة بدلالة قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين، وهذا نص في موضع الخلاف على ما قدمناه. وقولهم:
إن هذه الآية منسوخة من غير دليل على نسخها لا يغني شيئا.
وأيضا قوله تعالى: من بعد وصية يوصي بها أو دين، وهذا عام في الأقارب والأجانب