انقرضوا رجع إلى أبواب البر ولا يعود إليه ولا إلى ورثته دليلنا أن عوده إلى البر بعد انقراض الموقوف عليه يحتاج إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه والأصل بقاء الملك عليه أو على ولده. هذا آخر المسألة.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: انظر أرشدك الله إلى ما قاله شيخنا في المسألة فإنه ما تعرض للإجماع ولا الأخبار لأن الطريقين مفقودان هاهنا إنما دل بما يقضى عليه وهو محجوج به وهو قوله:
دليلنا أن عوده إلى البر بعد انقراض الموقوف عليهم يحتاج إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه. وكذا نقول نحن له رحمه الله: أن عوده إلى الواقف أو إلى ورثته بعد انقراض الموقوف عليهم يحتاج إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه والأصل بقاؤه وقفا فمن أخرجه من كونه وقفا يحتاج إلى دليل ولن يجده ونكيل له بصاعه حرفا فحرفا والله الموفق للصواب.
وإذا وقف المسلم شيئا على مصلحة فبطل رسمها يجعل في وجه البر بلا خلاف ولا يجوز عوده على الواقف ولا على ورثته وهذا أيضا دليل على صحة المسألة المتقدمة وفساد قول المخالف فيها.
وإذا وقف في وجوه البر ولم يسم شيئا بعينه كان للفقراء أو المساكين ومصالح المسلمين من بناء المساجد والقناطر وتكفين الموتى والحاج والزوار وغير ذلك.
وقال شيخنا في نهايته: إذا وقف انسان مسكنا جاز له أن يقعد فيه مع من وقفه عليه وليس له أن يسكن فيه غيره. وهذا على إطلاقه لا يصح وقد قلنا ما عندنا في ذلك وهو: إنه إن كان الوقف عاما على جميع المسلمين جاز ذلك على ما حكيناه عن بعض أصحابنا وإن كان خاصا على قوم بأعيانهم لا يجوز للواقف أن يسكن فيه مع من وقفه عليه لأنه بالوقف خرج من ملك الواقف وصار ملكا للموقف عليه.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة: يجوز الوقف على أهل الذمة إذا كانوا أقاربه، وقال الشافعي: يجوز ذلك مطلقا، ولم يخص دليلنا إجماع الفرقة وأيضا فإن ما قلنا مجمع على جوازه وما ذكروه ليس عليه دليل، هذا آخر كلامه في المسألة. وقد قلنا ما عندنا في مثل هذه المسألة من أنه لا يجوز الوقف على الكفرة إلا أن يكون الكافر أحد الوالدين لأن من صحة الوقف وشرطه نية القربة فيه.