وروي أنه إذا جعل الانسان خدمة عبده أو أمته لغيره مدة من الزمان ثم هو حر بعد ذلك كان ذلك جائزا وكان على المملوك الخدمة في تلك المدة فإذا مضت المدة صار حرا، فإن أبق العبد هذه المدة ثم ظفر به من جعل له خدمته لم يكن له بعد انقضاء تلك المدة عليه سبيل، وإن كان صاحب الغلام أو الجارية جعل خدمته لنفسه مدة من الزمان ثم هو حر بعد ذلك وأبق المملوك انتقض ذلك التدبير فإن وجده بعد ذلك كان مملوكا يعمل به ما شاء، أوردها لهذه الرواية شيخنا أبو جعفر في نهايته وهي من أضعف أخبار الآحاد لأنها مخالفة لأصول المذهب لأن التدبير عند أصحابنا بأجمعهم لا يكون إلا بعد موت المولى الذي هو المعتق المباشر للعتق ويكون بمنزلة الوصية يخرج من الثلث هذا لا خلاف بينهم فيه، فمن ادعى حكما شرعيا آخر غير هذا يحتاج في إثباته إلى دليل شرعي ولا يرجع إلى أخبار الآحاد في مثل ذلك لأنها لا توجب علما ولا عملا على ما بيناه ثم إنه لم يذهب إليه أحد من أصحابنا إلا الشاذ التابع لمسطور شيخنا أبي جعفر في نهايته فإنه رحمه الله لم يذكر ذلك في مسائل خلافه ولا في مبسوطه ولا في معظم كتبه المصنفة سوى الكتب الأخبارية لأنه من طريق أخبار الآحاد فيذكرها في جمل الأخبار وأوردها إيرادا لا اعتقادا على ما اعتذر به لنفسه.
باب الهبات والنحل:
الهبة والنحلة جائزتان بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
فالكتاب قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. والهبة من البر وكذلك النحلة.
والسنة ما رواه محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي ص قال: كل معروف مرغب فيه. وروى أبو هريرة أن النبي ع قال: لو أهدي إلى ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت. وروت عائشة: أن رسول الله ع كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة. أما صدقة الواجب فكانت حراما عليه وعلى بني هاشم وأما صدقة الندب فهي حلال عندنا عليه وعلى بني هاشم وإنما كان يتنزه عنها على جهة الاستحباب